للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قضاء الله وقدره؟ فقال: «هي من قضائه وقدره» (١).

فهذه الأسباب حسية ومعنوية روحانية، وحمية عما يضر، وهي في مقدمة الأسباب، وأخبر - صلى الله عليه وسلم - أنها من قضاء الله وقدره. فمن زعم أنه مؤمن بالقدر وقد ترك الأسباب النافعة الدينية والدنيوية التي عليها نظام القدر، فهو غالط. فإن المؤمن بالقدر، يجري على أحكامه، ويعمل على سنته ونظامه، ويتبع النافع في إحكامه وإبرامه، والله المعين الموفق.

وتوضيح ذلك أن أقدار الله كلها تابعة لحكمه وحكمته، فكما أن أفعاله تعالى كلها محكمة في غاية الإحكام والانتظام، ما ترى في خلق الرحمن من خلل ولا نقص ولا فطور ولا اختلال، ولا في شرعه من عبث وسفه ومنافاة للحكمة والمصلحة والإحسان، فكذلك أفعال المكلفين دينيها ودنيويها، ظاهرها وباطنها، كلها تجري على وفق الحكمة والغايات الحميدة، وأنه كلما عظم المقصود، وكثرت منافعه ومصالحه لم يمكن إدراكه إلا بسلوك الطرق المفضية إليه.

فأعظم المقاصد على الإطلاق نيل رضا الله، والفوز بثوابه، والسلامة من عقابه.

وقد جعل الله له الإيمان وشعبه الظاهرة والباطنة، والقيام بعبودية الله، وإخلاص الدين له، ولزوم الاستقامة والتقوى جعلها الله طرقا وأسبابا توصل إليه.


(١) أخرجه من حديث أبي خزامة عن أبيه: أحمد (٣/ ٤٢١) والترمذي (٤/ ٣٤٩/٢٠٦٥) وابن ماجه (٢/ ١١٣٧/٣٤٣٧) والحاكم (٤/ ١٩٩). وحسنه الشيخ الألباني رحمه الله بشواهده (انظر تخريج أحاديث مشكلة الفقر رقم ١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>