والبلاغة. وكان من أعلم أهل بلده في وقته، خلف عمه في التدريس لما مات وهو ابن الرابعة عشر.
وخلال رحلته إلى المدينة لطلب العلم؛ حط الرحال بالقاهرة ثلاثة أشهر يتردد فيها على الأزهر. وفي الحرم النبوي الشريف درس الموطأ على عبد العزيز الوزير التونسي، وصحيح مسلم على حسين أحمد الفيض أبادي الهندي وغيرهما من المشايخ، ولما اشتد عوده درّس به أيضاً.
ورحل إلى دمشق سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة وألف للهجرة فاشتغل مدرساً للعربية بالمدرسة السلطانية الأولى، وكان يلقي الدروس في الجامع الأموي، وشارك في تأسيس المجمع العلمي للتعريب بدمشق. وبعد انتهاء الحرب العالمية الأولى عاد للجزائر فاشتغل بنشر العلم.
كان خطيباً مفوهاً، وشاعراً فصيحاً، أديباً بليغاً، شارك شكيب أرسلان في إمارة 'البيان العربي'، واختير لعضوية مجمع اللغة العربية بمصر سنة ثمانين وثلاثمائة وألف للهجرة.
التقى أول مرة بعبد الحميد بن باديس بالمدينة النبوية فاستمرت لقاءاتهما كل ليلة على مدى ثلاثة أشهر يدرسان فيها سبل النهوض والإصلاح الديني في الجزائر، ثم عادا إلى بلدهما فأسسا جمعية العلماء. وقد نفاه المحتل الفرنسي، إلى صحراء وهران؛ ولما توفي ابن باديس اختاره العلماء لرئاسة الجمعية وهو في منفاه إذ لبث فيه ثلاث سنوات يدير الجمعية بالمراسلة. واستمر في استكمال ما قام به سلفه من إنشاء المدارس وبناء المساجد، وتعليم الطلاب، وأنشأ معهداً ثانوياً وسماه بـ (معهد عبد الحميد بن باديس).