الاستعمار والإسلام من جوامع أو فوارق حتى يكون ذلك الحكم الذي قلناه صحيحاً أو فاسداً؟
إن الإسلام والاستعمار ضدان لا يلتقيان في مبدإ ولا في غاية، فالإسلام دين الحرية والتحرير، والاستعمار دين العبودية والاستعباد، والإسلام شرع الرحمة والرفق وأمر بالعدل والإحسان، والاستعمار قوامُه على الشدة والقسوة والطغيان، والإسلام يدعو إلى السلام والاستقرار، والاستعمار يدعو إلى الحرب والتقتيل والتدمير والاضطراب، والإسلام يُثبت الأديان السماوية ويحميها، ويقرّ ما فيها من خير ويحترم أنبياءها وكتبها، بل يجعل الإيمان بتلك الكتب وأولئك الرسل قاعدة من قواعده وأصلاً من أصوله، والاستعمار يكفر بكل ذلك ويعمل على هدمه، خصوصاً الإسلام ونبيه وقرآنه ومعتنقيه. نستنتج من كل ذلك أن الاستعمار عدو لدود للإسلام وأهله، فوجب في حكم الإسلام اعتبار الاستعمار أعدى أعدائه، ووجب على المسلمين أن يطبِّقوا هذا الحكم وهو معاداة الاستعمار لا موالاته. الاستعمار الغربي -وكل استعمار في الوجود غربي- يزيد على مقاصده الجوهرية وهي الاستئثار والاستعلاء والاستغلال مقصداً آخر أصيلاً وهو محو الإسلام من الكرة الأرضية خوفاً من قوته الكامنة، وخشيةً منه أن يعيد سيرته الأولى كرةً أخرى. وجميع أعمال الاستعمار ترمي إلى تحقيق هذا المقصد؛ فاحتضانه للحركات التبشيرية وحمايته لها وسيلة من وسائل حربه للإسلام، وتشجيعه للضالين المضلين من المسلمين غايته تجريد الإسلام من روحانيته وسلطانه على النفوس، ثم محوه بالتدريج، ونشره للإلحاد بين