للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقصة وفد عبد القيس التي أشار إليها هي في "الصحيحين" أيضاً وقد أوردها فيما بعد فأخرج من طريق ابن عباس في قصة محاورة النبي - صلى الله عليه وسلم - لهم: .. فأمرهم بأربع ونهاهم عن أربع، أمرهم بالإيمان بالله وحده، قال: «أتدرون ما الإيمان بالله وحده؟» قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: «شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة .. » (١) فقد يقال: الإيمان في حديث جبريل منحوّ به المعنى اللغوي لا المعنى الشرعي، ويؤيد ذلك أن السائل في حديث جبريل كان في الظاهر -كما يعلم من الروايات- أعرابياً لم يجتمع قبل ذلك بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما ابتدأ فقال: ما الإيمان؟ كان الظاهر أنه إنما يريد بالإيمان ما يعرفه في اللغة، فإذا كان معناه في اللغة التصديق القلبي، فظاهر السؤال: ما الذي يطلب في الدين التصديق القلبي به؟ .. وأما في قصة عبد القيس، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - هو الذي ابتدأ فأمرهم بالإيمان ثم فسره لهم، فكان المعنى الشرعي للإيمان هو ما جاء في قصة عبد القيس.

فإن قيل: فإنه لم يستوعب الأعمال.

قلت: هذا السؤال مشترك، ولا قائل إن ما ذكر فيه من الأعمال هي من الإيمان دون غيرها، ومثل هذا في النصوص كثير من الاقتصار على الأهم، إما لعلم المخاطب بغيره، وإما اتكالاً على أنه سيعلمه عند الحاجة، وإما لأن في الإجمال ما يدل عليه، وكثيراً ما يقع الاختصار من بعض الرواة. (٢)


(١) تقدم تخريجه ضمن مواقف ابن الصلاح سنة (٦٤٣هـ).
(٢) التنكيل للمعلمي اليماني (٢/ ٣٨٥ - ٣٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>