ادعى العصمة لأحد بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو كاذب. فالإنسان إنسان، يصدر عنه ما يصدر عن الإنسان، فيكون منه الحق والخير، ويكون منه الباطل والشر. وقد يكون الحق والخير في إنسان بنطاق واسع فيعد من أهل الحق والخير، ولا يمنع هذا من أن تكون له هفوات. وقد يكون الباطل والشر في إنسان آخر بنطاق واسع، فيعد من أهل الباطل والشر، ولا يمنع هذا من أن تبدر منه بوادر صالحات في بعض الأوقات.
يجب على من يتحدث عن أهل الحق والخير إذا علم لهم هفوات، أن لا ينسى ما غلب عليهم من الحق والخير، فلا يكفر ذلك كله من أجل تلك الهفوات. ويجب على من يتحدث عن أهل الباطل والشر إذا علم لهم بوادر صالحات، أن لا يوهم الناس أنها من الصالحات من أجل تلك الشوارد الشاذة من أعمالهم الصالحات. (١)
- قال في مقدمته على كتاب 'مختصر التحفة الاثني عشرية': والمسلمون الأولون -الذين تولى الهادي الأعظم - صلى الله عليه وسلم - تربيتهم وتوجيههم وإعدادهم للاضطلاع بمهمة الإسلام العظمى- كانوا المثل الكامل للعمل بالإسلام: في إيمانهم، وطاعتهم لله، وأخلاقهم الكريمة، وسياستهم الحكيمة، وفتوحهم الرحيمة، وتكوينهم المجتمع الإسلامي الصالح، والدولة الإنسانية المثالية. وقد كافأهم الله على ذلك بانتشار رسالته على أيديهم، وذيوع دعوته بين الأمم اقتداء بهم، واتباعا لهم. ولما تخطت رسالة الإسلام حدود الجزيرة العربية المباركة -فدخلت العراق وإيران شرقا، والشام شمالا، ومصر وإفريقية غربا-