للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو زنديق يبطن للإسلام غير الذي يظهره لأهله إن كان من المنتسبين إليه. وميراثنا الثالث من المواريث التي صارت إلينا عن الصحابة حسن عرضهم هذا الإسلام على الأمم ممثلا بأخلاقهم الإسلامية السليمة وأعمالهم الجليلة الرحيمة، فحببوه بذلك إلى الناس، وعرفوهم به من طريق القدوة والأسوة، فكان ذلك سبب دخول الأمم في الإسلام إلى أقصى آفاق المعمورة المعروفة في أزمنتهم.

وهذه الفضيلة قد شارك عمال الخلفاء الراشدين فيها من جاهد بعدهم من الصحابة والتابعين تحت رايات الخلفاء من قريش الذين كان من أعلام نبوة النبي - صلى الله عليه وسلم - أيضا التنويه بهم في حديث جابر بن سمرة في الصحيحين (١)، ورؤيا النبي - صلى الله عليه وسلم - في قباء عن جهاد معاوية رضي الله عنه في البحر، ورؤياه الثانية يومئذ عن حملة ابنه في حصار القسطنطينية (٢)،

وهؤلاء الخلفاء من قريش الذين ورد النص عنهم في الصحيحين من حديث جابر بن سمرة هم الذين جاهدوا وجاهد رجالهم تحت كل كوكب، وطووا آفاق الأرض يحملون هذه الدعوة إلى أقاصي المعمور من بلاد آسيا وإفريقية


(١) وهو قوله عليه الصلاة والسلام: «لا يزال الإسلام عزيزا إلى اثني عشر خليفة». ثم قال كلمة لم أفهمها. فقلت لأبي: ما قاله؟ فقال: «كلهم من قريش». أخرجه: أحمد (٥/ ٨٦،٨٧،٨٨،٩٠) والبخاري (١٣/ ٢٦١/٧٢٢٢، ٧٢٢٣) ومسلم (٣/ ١٤٥٢ - ١٤٥٣/ ١٨٢١ [٧]) واللفظ له. وأبو داود (٤/ ٤٧١ - ٤٧٢/ ٤٢٧٩،٤٢٨٠) والترمذي (٤/ ٤٣٤/٢٢٢٣) من طرق عن جابر بن سمرة قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فذكره.
(٢) البخاري (٦/ ١٢٧/٢٩٢٤) عن خالد بن معدان أن عمير بن الأسود العنسي حدثه أنه أتى عبادة بن الصامت وهو نازل في ساحة حمص وهو في بناء له ومعه أم حرام، قال عمير: فحدثتنا أم حرام أنها سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «أول جيش من أمتي يغزون البحر قد أوجبوا. قالت أم حرام: قلت يا رسول الله: أنا فيهم؟ قال: أنت فيهم، ثم قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أول جيش من أمتي يغزون مدينة قيصر مغفور لهم. فقلت: أنا فيهم يا رسول الله؟ قال: لا». قال المهلب: في هذا الحديث منقبة لمعاوية لأنه أول من غزا في البحر، ومنقبة لولده يزيد لأنه أول من غزا مدينة قيصر. وقد حدث أنس بن مالك عن أم حرام هذا الحديث أتم من هذا السياق ..

<<  <  ج: ص:  >  >>