فنائهم عنهم بأنوار الصمدانية) (ص.٢ - ٣) الرسالة للقشيري. هذه شهادة عليهم في القرن الرابع الهجري من رجل يعدونه المثل الأعلى للصوفية العملية المعتدلة، وإنها لتدل على أن الصوفية من قديم تواصوا بالكيد للإسلام، وإنا لا تخدعنا هذه الشفوف من النفاق الصوفي، إذ هم السم الناقع يتراآ شهدا مذابا. فالقائلون بما هلل له البقاعي هم عين القائلين بما يخنقك منه يحموم الزندقة، فالقشيري نفسه يقول في مقدمة رسالته عن أهل الطريقة:(جعل الله هذه الطائفة صفوة أوليائه وفضلهم على الكافة من عباده بعد رسله وأنبيائه) يفضل الصوفية على السابقين من المهاجرين والأنصار، ثم يقول:(جعل قلوبهم معادن أسراره، واختصهم من بين الأمة بطوالع أنواره، فهم الغياث للخلق) وماذا بقي لله إذا كان هؤلاء غياثا للخلق؟ وماذا للصحابة من طوالع الأنوار ومعادن الأسرار إذا كان هؤلاء وحدهم كذلك؟ ثم يقول:(ورقاهم إلى محال المشاهدات بما تجلى لهم من حقائق الأحدية وأشهدهم مجاري أحكام الربوبية) إذا فهم عند القشيري أعظم مقاما من خليل الله إبراهيم، ومن محمد عليه الصلاة والسلام؟ فتأمل في الأستاذ القشيري، وفي قوله، وفيما خلفه في رسالته، ثم اسمع إليه ينقل في رسالته:(لا تصلح المحبة بين اثنين حتى يقول الواحد للآخر: يا أنا، المحبة سكر لا يصحو صاحبه إلا بمشاهدة محبوبه)(انظر مقدمة الرسالة وص.١٦٤ منها) وهذه زمزمة قديمة بزندقة الاتحاد ووحدة الشهود. (١)