للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن عمران بن حصين -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «خير أمتي قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم» -قال عمران: فلا أدري أذكر بعد قرنه مرتين أو ثلاثا- «ثم إن بعدكم قوم يشهدون ولا يستشهدون ويخونون ولا يؤتمنون وينذرون ولا يوفون ويظهر فيهم السمن» (١) وروى مسلم أيضا بسنده عن ابن مسعود أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يجيء قوم تسبق شهادة أحدهم يمينه ويمينه شهادته» (٢)،

ومعنى الخيرية في الأحاديث راجعة لفضيلة أهل ذلك القرن في العلم والإيمان والأعمال الصالحة التي يتنافس فيها المتنافسون ويتفاضل فيها العاملون، فقد غلب الخير وكثر أهله واعتز فيها الإسلام والإيمان وكثر فيها العلم والعلماء ثم الذين يلونهم فضلوا على من بعدهم لظهور الإسلام فيهم وكثرة الداعي إليه والراغب فيه والقائم به، وما ظهر فيه من البدع أنكر واستعظم وأزيل كبدعة الخوارج والقدرية والرافضة، فهذه البدع وإن كانت قد ظهرت فأهلها في غاية الذل والمقت والهوان ويكثر القتل فيمن عاند منهم ولم يتب، والمشهور في الروايات أن القرون المفضلة ثلاثة الثالث دون الأولين في الفضل لكثرة البدع فيه، لكن العلماء متوافرون والإسلام فيه ظاهر والجهاد فيه قائم.

وإذا فالشاهد من آية براءة وحديث عمران بن حصين هو مدح أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لله والثناء عليهم، لاستقامتهم على أمر الله وتمسكهم بهدي رسول الله. وقوله -أي: شيخ الإسلام ابن تيمية-: "فرضي عن السابقين


(١) تقدم تخريجه ضمن مواقف محمد السهسواني سنة (١٣٢٦هـ).
(٢) تقدم تخريجه ضمن مواقف محب الدين الخطيب سنة (١٣٨٩هـ) ..

<<  <  ج: ص:  >  >>