للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال سبحانه: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ} (١).

فالسابقون بالخيرات هم الذين أدّوا الواجبات والمستحبات وتركوا المحرمات والمكروهات، وهؤلاء هم المقربون.

والمقتصدون هم الذين اقتصروا على أداء الواجبات وترك المحرمات.

والظالمون لأنفسهم هم الذين اجترؤوا على بعض المحرمات وقصّروا ببعض الواجبات مع بقاء أصل الإيمان معهم.

ومن وجوه زيادته ونقصه كذلك أن المؤمنين متفاوتون في علوم الإيمان، فمنهم من وصل إليه من تفاصيله وعقائده خير كثير، فازداد به إيمانه، وتمّ يقينه، ومنهم من هو دون ذلك، حتى يبلغ الحال ببعضهم أن لا يكون معه إلا إيمان إجمالي لم يتيسر له من التفاصيل شيء، وهو مع ذلك مؤمن.

وكذلك هم متفاوتون في كثير من أعمال القلوب والجوارح، وكثرة الطاعات وقلتها.

وأما من ذهب إلى أن الإيمان مجرد التصديق بالقلب، وأنه غير قابل للزيادة أو النقص؛ كما يُروى عن أبي حنيفة وغيره؛ فهو محجوج بما ذكرنا من الأدلة، قال عليه السلام: (الإيمان بضع وسبعون شعبة؛ أعلاها: قول: لا إله إلا الله، وأدناها: إماطة الأذى عن الطريق) (٢).اهـ (٣)


(١) فاطر الآية (٣٢).
(٢) تقدم تخريجه في مواقف أبي إسحاق الفزاري سنة (١٨٦هـ).
(٣) شرح الواسطية (ص.٢٣١ - ٢٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>