فيها أغلاط كثيرة، ونقلت عبارة ابن بطوطة هذه، وهي قوله عن إمام الشام وشيخ الإسلام ابن تيمية، "وكنت إذ ذاك بدمشق، فحضرته يوم الجمعة، وهو يعظ الناس على منبر الجامع ويذكرهم، فكان من جملة كلامه أن قال: إن الله ينزل إلى سماء الدنيا كنزولي هذا، ونزل درجة من درج المنبر" فرأيت أن أنشر كلمة في هذا الموضوع تكون الحد الفاصل بين الحق والباطل.
١ - إن ابن بطوطة رحمه الله لم يسمع من ابن تيمية ولم يجتمع به، إذ كان وصوله إلى دمشق يوم الخميس التاسع عشر من شهر رمضان المبارك عام ستة وعشرين وسبعمائة هجرية، وكان سجن شيخ الإسلام في قلعة دمشق أوائل شهر شعبان من ذلك العام، ولبث فيه إلى أن توفاه الله تعالى ليلة الاثنين لعشرين من ذي العقدة عام ثمانية وعشرين وسبعمائة هجرية، فكيف رآه ابن بطوطة يعظ على منبر الجامع وسمعه يقول: ينزل .. الخ.
٢ - إن رحلة ابن بطوطة مملوءة بالروايات والحكايات الغريبة، ومنها مالا يصح عقلا ولا نقلا، وهو يلقي ما ينقله على عواهنه، ولا يتعقبه بشيء فمن ذلك قوله (١): وفي وسط المسجد (أي الأموي بدمشق) قبر زكريا عليه السلام، والمعروف أنه قبر يحيى عليه السلام، وقوله أيضا: وقرأت في فضائل دمشق عن سفيان الثوري أن الصلاة في مسجد دمشق بثلاثين ألف صلاة، وهذا لا يقال من قبل الرأي، وسفيان أجل من أن يفضله على مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلى المسجد الأقصى ثالث الحرمين الشريفين وهما لم يبلغ الثواب فيهما هذه الدرجة، كما هو معلوم للمحدثين وغيرهم، ومن نقوله التي أقرها