كتاب موسوعة مواقف السلف في العقيدة والمنهج والتربية

أسامة بن توفيق القصاص (١٤٠٨ هـ) - موقفه من المبتدعة: - ج: 10 - ص: 143

ما يعلمه خيرا لهم، وينذرهم ما يعلمه شرا لهم» (١).

وقال - صلى الله عليه وسلم -: «ما تركت شيئا مما أمركم الله به إلا وقد أمرتكم به» (٢). وقالت عائشة لمسروق رضي الله عنهما: «ومن حدثك أن محمدا كتم شيئا مما نزل عليه فقد كذب» (٣).

وقال مالك رحمه الله في هذا الشأن وهو عالم دار الهجرة: (من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمدا خان الرسالة؛ لأن الله تعالى يقول: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} (٤)، فما لم يكن يومئذ دينا لا يكون اليوم دينا).

فمن ابتدع إذا كان هذا معنى فعله، وهو أنه متهم لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالخيانة لدين الله وحاشاه.

وكذلك ليس لأحد أن يقول عن شيء هذا أمر صغير أو حسن، لأن الوصف لا وزن له مع قبح الفعل وهو الابتداع؛ لأن البدعة مضاهية للشريعة، والتشريع من حق الشارع. ومن قال عما لم يكن مشروعا: هذا حسن، فكأنما نصب نفسه إلها أو ندا لله تعالى، وكذلك العقل فهو مناط التكليف، ولم يقل أحد هو مناط التشريع، ولو كان ذلك من حقوقه لما كان

---

(١) أخرجه: أحمد (٢/ ١٦١) ومسلم (٣/ ١٤٧٢ - ١٤٧٣/ ١٨٤٤) والنسائي (٧/ ١٧٢ - ١٧٣/ ٤٢٠٢) وابن ماجه (٢/ ١٣٠٦ - ١٣٠٧/ ٣٩٥٦). من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما.
(٢) أخرجه: الشافعي في الرسالة: (ص.٨٧) فقرة (٢٨٩)، وعنه البيهقي (٧/ ٧٦) والخطيب في الفقيه والمتفقه (١/ ٢٧٠) مرسلا عن المطلب بن حنطب. قال الشيخ الألباني إسناده مرسل حسن، وذكر للحديث شواهد يتقوى بها (الصحيحة: ٤/ ٤١٧).
(٣) أحمد (٦/ ٤٩،٥٠) والبخاري (٨/ ٣٤٩/٤٦١٢) ومسلم (١/ ١٥٩/١٧٧) والترمذي (٥/ ٣٠٦٨ - ٣٠٦٩/ ٣٢٧٨).
(٤) المائدة الآية (٣).