نعم كما تقدم، الجبرية غلوا في إثبات القدر، فاعتقدوا أن العباد، لا مشيئة لهم ولا قصد ولا اختيار، بل إذا فعلوا طاعة أو معصية، فهم مجبورون عليها. فعلى قول الجبرية: الطاعات والمعاصي عين فعل الرب، لا أفعالهم. وهذا القول معرف بطلانه بالضرورة من دين الإسلام.
فعند الجبرية حركات العبد وسكناته وأفعاله اضطرارية، كحركة الأشجار وأغصانها وأوراقها بالرياح التي تصفقها يمنةً ويسرةً، فإنها تضطرب وتمايل من غير اختيارها.
وكحركة المرتعش الذي أصابه مرض الفالج، فإنه يضطرب ويتحرك من غير اختيار منه ولا قصد. هذا قول الجبرية الخالصة.
وهذا القول كذب على الله، وزور وباطل، فالله أعظم وأجل قدراً من أن يجبر أحداً على ذنب ثم يعذبه عليه.
وكتاب الله، وسنة رسوله، والعقل الصحيح، والفطرة المستقيمة، كلها حجج وبراهين على بطلان ما تعتقده وتقوله الجبرية الخالصة. (١)
- وقال أيضا: وكما أشرنا سابقاً: معتقد أهل السنة والجماعة هو أن العبد له إرادة ومشيئة، ولكنها ليست مستقلة، بل هي تابعة لإرادة الله ومشيئته، وكتاب الله، وسنة رسوله، وقول الصحابة والتابعين لهم بإحسان، والعقل، والفطرة، في الجميع ردّ وإبطال لما تعتقده وتقوله الجبرية.
(١) عقيدة المسلمين والرد على الملحدين والمبتدعين (٢/ ٣٠٣ - ٣٠٥).