للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يريده لا يمكن أن يكون قطعا. والذي يريده لا بد أنه واقع قطعا. ولا تكون حركة ولا سكنة إلا بإرادته، وإلا فيكون هناك مريد يغالب إرادة الله؛ وتنزه الله سبحانه أن يكون في الكون مريد غيره يغالبه. فالذي آمن ما آمن إلا بإرادة الله، والذي كفر ما كفر إلا بإرادة الله، ولكن يجب أن لا يفهم من هذا أن هذه الإرادة مجبرة على فعل الخير أو الشر، بمعنى أنه ليس للعبد أية إرادة فإن فعل خيرا فهو مجبر عليه أو فعل شرا فهو مجبر عليه .. لا وألف لا .. لأن إرادة الله غير أوامره، فإن الله أراد وما أمر، أراد لأنه لا يمكن أن يكون شيء إلا بإرادته، وما أمر لأنه لا يأمر بالفحشاء، ولا يرضى لعباده الكفر، ولما كان الله تعالى أمر بأوامر ونهى عن نواهي من أجل أن يطاع فإن أطيع فللمطيع الجنة، وإن عُصي فللعاصي النار. وجعل للمكلف عقلا مميزا للخير من الشر فإن فعل الخير فلأنه مختار بذلك، ولولا اختياره هذا ما استحق عليه الجنة. وإن فعل الشر فلأنه مختار أيضا، ولولا اختياره هذا ما استحق عليه النار. فإن كان مجبرا على فعله ما استحق جنة ولا نارا. فمن أجل أن يستحق المكلف جزاء عمله جعله الله مخيرا فيما كلفه به، وكل ما فعله، خيرا كان أو شرا، هو بإرادته تعالى لأن الله تعالى يقدر على أن يمنع عبده من فعل الشر، كما أنه يقدر أن يمنع عبده من فعل الخير، ولكن لما سبق الوعد بالجنة إن فعل الخير، والوعيد بالنار إن فعل الشر، كان من حكمته تعالى، أن يكون عبده مخيرا لا مجبرا، لأنه إذا كان مخيرا وفعل الخير فهو يستحق الجنة بفعله وعمله واختياره، وإن فعل الشر فهو يستحق النار بعمله واختياره، وإن كان مجبرا على ذلك فأي نعيم أو عذاب يستحق .. ؟

فلكي لا يكون للناس على

<<  <  ج: ص:  >  >>