للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: {قُلُوبُنَا غُلْفٌ}. كما أن كثيراً من الناس عندما يتورطون في نوع مرذول من أنواع السلوك، ويألفون جوّه العفن، يصبحون أكثر الناس حذراً ومخافة من كل فكرة صالحة تلقي الأضواء على ما هم عليه من انحراف وشذوذ، باعتبار أن الفكرة الجديدة قد تكشف معايبهم، وتفضح أسرارهم، وتخرجهم عن مألوفاتهم التي أصبحوا أسراء لها، وتجعلهم حقراء مرذولين أمام أنفسهم أولاً، وأمام الناس أخيراً، وهكذا لا يكتفي الفاسقون بإقفال أسماعهم عن سماع أية فكرة صالحة؛ بل يتصدون لها بالمقاومة والمحاربة سراً وعلناً، وبذلك يزدادون فسقاً على فسق، وانحرافاً فوق انحراف، وهذا ما تشير إليه الآية الكريمة {وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ} فقد أثبتت لهم هذه الآية صفة الفسوق أولاً وسابقاً، وبتأثير هذه الصفة الملازمة لهم والمسيطرة عليهم زادوا عتواً وضلالاً، إذ الجريمة تدفع إلى أختها، والسيئة تعين على مثلها، على حد قوله تعالى: {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا} (١) وذلك بعكس (المتّقين) الذين لازمتهم صفة التقوى، فانفعالهم من تلقاء أنفسهم يكون مزيداً من الهداية، ومزيداً من الرشد ...

وأما فساد الفاسقين وإفسادهم في الأرض، فيتجلّى في سعيهم إلى تحطيم جميع المقدسات، وفي استهانتهم الظاهرة والباطنة بجميع القيم، وفي


(١) البقرة الآية (١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>