للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيء الكثير في الرسالة المذكورة، ولابن خزيمة كلام نفيس في هذا المعنى.

وبعد: فدعوى الاكتفاء بالقرآن ومحاولة الاستغناء عن السنة إنما تعني الاستغناء عن الإسلام، أي تعني (الكفر) بأسلوب ملتو غير صريح لأمر ما، فأصحاب هذه الفكرة لا حظ لهم في الإسلام ما لم يراجعوا الإسلام من جديد.

وبعد أن استعرضنا أدلة من الكتاب والسنة وأقوال بعض أهل العلم في أن السنة صنو القرآن، ولا يفرق بينهما، فلنناقش هؤلاء الزاعمين عقليا ومن واقع حياة المسلمين في عباداتهم، ومعاملاتهم، فهل يمكنهم الاكتفاء بالقرآن دون أن يجدوا أنفسهم مضطرين لمراجعة السنة في كثير من عباداتهم ومعاملاتهم، حيث يجدون في السنة تفصيل ما أجمل في القرآن -وما أكثره- وتقييد ما أطلق وعمم فيه. بل ربما وجدوا أحكاما جديدة هم بحاجة إليها لم يرد ذكرها في القرآن كما يجدون بعض الصفات الإلهية جاءت بها السنة ولم يرد لها ذكر في القرآن. إن الواقع الذي يعيشه المسلمون يجيب على هذا التساؤل، وفي القرآن آيات يأمر الله فيها نبيه أن يبين للناس القرآن الذي أنزل عليه، إذ يقول الله عز وجل: {* يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} (١) ويقول سبحانه: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} (٢) ويقول سبحانه آمرا لأتباعه


(١) المائدة الآية (٦٧).
(٢) النحل الآية (٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>