للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتقوى، حتى إذا دار الزمان دورته؛ دسّ أناسٌ من أعداء الدين أنفسَهم فيه، وتزيّوا بزيّ أهله، وصاروا يعملون على هدمه بما يضعون من أحاديث، ويدسون من روايات ليس لها أقل حظ من الصحة والصدق، ففشت بذلك البدع والأهواء، وثارت أعاصير القلاقل والفتن بين المسلمين، وكثر بينهم الشقاق، وزاد النفاق، حتى إذا انشقت عصا وحدتهم، وانقسموا إلى فِرق وأحزاب، كل حزب فرح بما لديه، وكلّ فرقة تكفّر الأخرى؛ لمخالفتها لها في المشرب ومباينتها إياها في المذهب.

ظل أهل الإسلام على هذه الحالة حينا من الدهر، والعدو يتربص بهم الدوائر، {وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (١٠٤)} (١)، لا يكادون يشعرون بحالتهم، ولا يعلمون أيان مصيرهم، حتى قيض الله في هذا العصر فئة من عقلاء الأمة وحكمائها، أحسّت بالخطر المحدق، فأهابت بالأمة وأخذت تسعى لمحو الخرافات المتغلغلة في أعماق النفوس، وإعفاء آثار البدع والمحدثات التي غص بها العالم الإسلامي، وصارت شارةَ عارٍ في جبين الإسلام، هذا إلى أعمال أخرى عظيمة لها مقام غير هذا المقام.

نجحت هذه الفئة بعض النجاح فيما دعت إليه من تنقية الدين من الشوائب، وأيقظت أذهان كثير من الناس، وصار لها أتباع ومريدون، ينشرون دعوتها، ويعززون كلمتها، ويدعون إلى اطراح ما لم يرد به الدين،


(١) الكهف الآية (١٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>