للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكتاب الله فيه الهدى والنور، وفيه العظة والذكرى. فوصيتي لنفسي وللجميع ومن يسمع كلمتي أو تبلغه: العناية بهذا الكتاب العظيم، فهو أشرف كتاب، وأعظم كتاب، وهو خاتم الكتب المنزلة من السماء، ومن تدبره وتعقله بقصد طلب الهداية، ومعرفة الحق، وفقه الله وهداه. وأهم ما اشتمل عليه هذا الكتاب العظيم، بيان حق الله على عباده، وبيان ضد ذلك. هذا أعظم موضوع اشتمل عليه القرآن، وهو بيان حقه سبحانه على عباده من توحيده، وإخلاص العبادة له، وإفراده بالعبادة، وبيان ضد ذلك من الشرك الأكبر، والذنب الذي لا يغفر، وأنواع الكفر والضلال.

ولو لم يكن في تدبر هذا الكتاب العظيم إلا العلم بهذا الواجب العظيم، وتدبر ما ذكره الله في ذلك، لكان ذلك خيرا عظيما، وفضلا كبيرا، فكيف وفيه الدلالة على كل خير، والترهيب من كل شر، كما تقدم. ثم بعد ذلك العناية بالسنة: فإنها الأصل الثاني، والوحي الثاني، وفيها التفسير لكتاب الله والدلالة على ما قد يخفى من كلامه سبحانه، فهي الموضحة لكتاب الله كما قال الله عز وجل: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (٤٤)} (١). ويقول سبحانه: {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ} (٢) فهو أنزل لدعوة الناس إلى الخير، وتعليمهم سبيل النجاة، وتحذيرهم من سبل الهلاك، وأمر الله نبيه عليه الصلاة والسلام أن يبين للناس


(١) النحل الآية (٤٤).
(٢) النحل الآية (٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>