للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قد وجهت استغاثتها ودعاءها للرسول - صلى الله عليه وسلم - وأعرضت عن رب العالمين، الذي بيده النصر والضر والنفع، وليس بيد غيره شيء من ذلك. ولا شك أن هذا ظلم عظيم وخيم، وقد أمر الله عز وجل بدعائه سبحانه، ووعد من يدعوه بالاستجابة، وتوعد من استكبر عن ذلك بدخول جهنم، كما قال عز وجل: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (٦٠)} (١) أي صاغرين ذليلين.

وقد دلت هذه الآية الكريمة على أن الدعاء عبادة، وعلى أن من استكبر عنه فمأواه جهنم، فإذا كانت هذه حال من استكبر عن دعاء الله، فكيف تكون حال من دعا غيره، وأعرض عنه، وهو سبحانه القريب المالك لكل شيء، والقادر على كل شيء، كما قال سبحانه: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (١٨٦)} (٢) وقد أخبر الرسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح أن الدعاء هو العبادة (٣)، وقال لابن عمه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: «احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن


(١) غافر الآية (٦٠).
(٢) البقرة الآية (١٨٦).
(٣) أخرجه من حديث النعمان بن بشير: أحمد (٤/ ٢٦٧) وأبو داود (٢/ ١٦١/١٤٧٩) والترمذي (٥/ ٣٤٩/٣٢٤٧) وقال: "حسن صحيح". والنسائي في الكبرى (٦/ ٤٥٠/١١٤٦٤) وابن ماجه (٢/ ١٢٥٨/٣٨٢٨)، وصححه ابن حبان (٣/ ١٧٢/٨٩٠) والحاكم (١/ ٤٩٠ - ٤٩١) ووافقه الذهبي. وأورد له شاهدا من حديث ابن عباس وصححه ووافقه الذهبي.

<<  <  ج: ص:  >  >>