للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مكة والمدينة، ومع هذا فقد ملئت الدنيا من هذا الشرك بسبب علماء السوء ودعاة الضلالة وإعراض الأكثر عن دين الله وعدم تفقههم في الدين، وعدم إقبالهم على الحق، وحسن ظنهم بدعاة الباطل ودعاة الشرك إلا من رحم الله، كما قال الله سبحانه: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ (١٠٣)} (١)، وقال تعالى: {وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٢٠)} (٢) وقال عز وجل: {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ (١١٦)} (٣).

فلهذا انتشر الشرك في الأمم بعد نوح في عاد وثمود وقوم إبراهيم وقوم شعيب وقوم لوط، ومن بعدهم من سائر الأمم، وصاروا يقلد بعضهم بعضا يقولون: {إِنَّا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آَثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ (٢٢)} (٤). وإذا كان هذا البلاء قد عم وطم ولم يسلم منه إلا القليل، فالواجب على أهل العلم أن يقدموه على غيره -أعني بيان التوحيد وضده-، وأن تكون عنايتهم به أكثر من كل نوع من أنواع العلم لأنه الأساس، فإذا فسد هذا الأساس وخرب بالشرك بطل غيره من الأعمال، كما قال سبحانه: {وَلَوْ أَشْرَكُوا


(١) يوسف الآية (١٠٣).
(٢) سبأ الآية (٢٠).
(٣) الأنعام الآية (١١٦).
(٤) الزخرف الآية (٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>