للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- وقال رحمه الله: قوله - صلى الله عليه وسلم -: «استغاثوا بآدم» (١)، أي: طلبوا منه عليه السلام أن يدعو لهم، ويشفع لهم عند الله تبارك وتعالى. والأحاديث بهذا المعنى كثيرة معروفة في الصحيحين وغيرهما.

وليس فيه جواز الاستغاثة بالأموات، كما يتوهم كثير من المبتدعة الأموات. بل هو من باب الاستغاثة بالحي فيما يقدر عليه، كما في قوله تعالى: {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ} (٢) الآية.

ومن الواضح البين أنه لا يجوز -مثلا- أن يقول الحي القادر للمقيد العاجز: أعني. فالميت الذي يستغاث به من دونه تعالى أعجز منه، فمن خالف، فهو إما أحمق مهبول، أو مشرك مخذول، لأنه يعتقد في ميته أنه سميع بصير، وعلى كل شيء قدير، وهنا تكمن الخطورة، لأنه الشرك الأكبر، وهو الذي يخشاه أهل التوحيد على هؤلاء المستغيثين بالأموات من دون الله تبارك وتعالى، وهو القائل: {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (١٩٤) أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ


(١) البخاري (٣/ ٤٣١/١٤٧٤ - ١٤٧٥) ومسلم (٢/ ٧٢٠/١٠٤٠ (١٠٤)) مختصرا بدون لفظ: « .. استغاثوا بآدم ... » من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ما يزال الرجل يسأل الناس حتى يأتي يوم القيامة ليس في وجهه مزعة لحم». وقال: «إن الشمس تدنو يوم القيامة حتى يبلغ العرق نصف الأذن. فبينا هم كذلك استغاثوا بآدم، ثم بموسى، ثم بمحمد - صلى الله عليه وسلم -». وزاد عبد الله: حدثني الليث حدثني ابن أبي جعفر «فيشفع ليقضى بين الخلق، فيمشي حتى يأخذ بحلقة الباب. فيومئذ يبعثه الله مقاما محمودا يحمده أهل الجمع كلهم».
(٢) القصص الآية (١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>