للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يفهمون هذه الآية فهما سطحيا، من غير تفصيل، فقال رضي الله عنه: "ليس الكفر الذي تذهبون إليه"، و"إنه ليس كفرا ينقل عن الملة"، و"هو كفر دون كفر" (١)، ولعله يعني بذلك الخوارج الذين خرجوا على أمير المؤمنين علي رضي الله عنه، ثم كان من عواقب ذلك أنهم سفكوا دماء المؤمنين، وفعلوا فيهم ما لم يفعلوا بالمشركين، فقال: ليس الأمر كما قالوا، أو كما طنوا، إنما هو كفر دون كفر.

فهذا الجواب المختصر الواضح من ترجمان القرآن في تفسير هذه الآية هو الحكم الذي لا يمكن أن يفهم سواه من النصوص التي أشرت إليها قبل.

ثم إن كلمة الكفر ذكرت في كثير من النصوص القرآنية والحديثية، ولا يمكن أن تحمل -فيها جميعا- على أنها تساوي الخروج من الملة، من ذلك -مثلا- الحديث المعروف في 'الصحيحين' (٢) عن عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر»؛ فالكفر هنا هو المعصية، التي هي الخروج عن الطاعة، ولكن الرسول عليه الصلاة والصلاة -وهو أفصح الناس بيانا- بالغ في الزجر قائلا: « ... وقتاله كفر».

ومن ناحية أخرى؛ هل يمكن لنا أن نحمل الفقرة الأولى من هذا الحديث - «سباب المسلم فسوق» - على معنى الفسق المذكور في اللفظ


(١) وهي مخرجة جميعا في السلسلة الصحيحة تحت حديث (٢٥٥٢).
(٢) أحمد (١/ ٤٣٩) والبخاري (١/ ١٤٧/٤٨) ومسلم (١/ ٨١/١١٦ - ١١٧) والترمذي (٤/ ٣١١/١٩٨٣) والنسائي (٧/ ١٣٧ - ١٣٨/ ٤١١٦ - ٤١٢٤) وابن ماجه (١/ ٢٧/٦٩) عن ابن مسعود رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>