للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتطلق أحيانا ويراد بها ما يرادف الحب والرضى، كما في قوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} (١). وهذا المعنى هو المراد من قوله تعالى في هذا الحديث: "أردت منك"، أي: أحببت. والإرادة بهذا المعنى قد تتخلف، لأن الله تبارك وتعالى لا يجبر أحدا على طاعته، وإن كان خلقهم من أجلها، {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} (٢)، وعليه، فقد يريد الله تبارك وتعالى من عبده ما لا يحبه منه، ويحب منه ما لا يريده. وهذه الإرادة يسميها ابن القيم رحمه الله تعالى بالإرادة الكونية، أخذا من قوله تعالى: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٨٢)} (٣)، ويسمي الإرادة الأخرى المرادفة للرضى بالإرادة الشرعية.

وهذا التقسيم، مَن فَهمه، انحلت له كثير من مشكلات مسألة القضاء والقدر، ونجا من فتنة القول بالجبر أو الاعتزال، وتفصيل ذلك في الكتاب الجليل 'شفاء العليل في القضاء والقدر والحكمة والتعليل' لابن القيم رحمه الله تعالى.

قوله: «وأنت في صلب آدم»، قال القاضي عياض: "يشير بذلك إلى قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} (٤)، فهذا


(١) البقرة الآية (١٨٥).
(٢) الكهف الآية (٢٩).
(٣) يس الآية (٨٢).
(٤) الأعراف الآية (١٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>