للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثالث: ما رواه البخاري ومسلم واللفظ للبخاري عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما منكم من أحد إلا قد كتب مقعده من النار أو من الجنة». فقال رجل من القوم: ألا نتكل يا رسول الله؟ قال: «لا، اعملوا فكل ميسر»، ثم قرأ: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (٥)} (١) الآية. وفي لفظ لمسلم: «فكل ميسر لما خلق له» (٢) فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالعمل ونهى عن الاتكال على القدر.

الرابع: أن الله تعالى أمر العبد ونهاه، ولم يكلفه إلا ما يستطيع، قال الله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (٣) وقال: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (٤) ولو كان العبد مجبرا على الفعل لكان مكلفا بما لا يستطيع الخلاص منه، وهذا باطل ولذلك إذا وقعت منه المعصية بجهل، أونسيان، أو إكراه، فلا إثم عليه لأنه معذور.

الخامس: أن قدر الله تعالى سر مكتوم لا يعلم به إلا بعد وقوع المقدور، وإرادة العبد لما يفعله سابقة على فعله فتكون إرادته الفعل غير مبنية على علم منه بقدر الله، وحينئذ تنتفي حجته بالقدر إذ لا حجة للمرء فيما لا يعلمه.


(١) الليل الآية (٥).
(٢) تقدم تخريجه في مواقف عبد الرحمن بن ناصر السعدي سنة (١٣٧٦هـ).
(٣) التغابن الآية (١٦).
(٤) البقرة الآية (٢٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>