إلى أهل المسجد رجلا فيذاكرهم أمره ويأخذ عليهم العهد والميثاق إن هو يرى ما يرضى وإلا كتم عليه.
قال: وكان يريهم الأعاجيب. كان يأتي إلى رخامة في المسجد فينقرها بيده فتسبح تسبيحا بليغا حتى يضج من ذلك الحاضرون. قلت: وقد سمعت شيخنا العلامة أبا العباس ابن تيمية رحمه الله يقول كان ينقر هذه الرخامة الحمراء التي في المقصورة فتسبح، وكان زنديقا. قال ابن أبي خيثمة في روايته: وكان الحارث يطعمهم فاكهة الشتاء في الصيف، وفاكهة الصيف في الشتاء، وكان يقول لهم: اخرجوا حتى أريكم الملائكة، فيخرج بهم إلى دير المراق فيريهم رجالا على خيل فيتبعه على ذلك بشر كثير، وفشا أمره في المسجد، وكثر أصحابه وأتباعه، حتى وصل الأمر إلى القاسم بن مخيمرة، قال: فعرض على القاسم أمره، وأخذ عليه العهد إن هو رضي أمرا قبله، وإن كرهه كتم عليه، قال فقال له: إني نبي، فقال القاسم: كذبت يا عدو الله، ما أنت نبي، وفي رواية ولكنك أحد الكذابين الدجالين الذين أخبر عنهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الساعة لا تقوم حتى يخرج ثلاثون دجالون كذابون كلهم يزعم أنه نبي"(١) وأنت أحدهم ولا عهد لك. ثم قام فخرج إلى أبي إدريس -وكان على القضاء بدمشق- فأعلمه بما سمع من الحارث فقال أبو إدريس نعرفه، ثم أعلم أبو إدريس عبد الملك بذلك.
وفي رواية أخرى أن مكحولا وعبد الله بن أبي زائدة دخلا على الحارث فدعاهما إلى نبوته فكذباه وردا عليه ما قال،
(١) أحمد (٢/ ٣١٣) والبخاري (٦/ ٧٦٤/٣٦٠٩) ومسلم (٤/ ٢٢٣٩ - ٢٢٤٠/ ١٥٧) وأبو داود (٤/ ٥٠٧/٤٣٣٣) والترمذي (٤/ ٤٣٢/٢٢١٨) من حديث أبي هريرة.