وعلى آله وصحبه أجمعين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أما بعد:
فإن بدعة التصوف حدثت بعد مائتي سنة من الهجرة، ولم تكن موجودة على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا في عهد الصحابة والتابعين. ثم إنهم اختلفوا في نسبة التصوف، فمنهم من يقول: إنها نسبة إلى صوفة، وهي قبيلة من الجاهلية كانت تتعبد، وكل من تعبد وانقطع نسب إليها. ومنهم من يقول: إنه نسبة إلى الصفة، وهذا ليس بصحيح إذ لو كانت نسبة إلى الصفة لقيل فيه: صفي. ومنهم من يقول: إنه نسبة إلى الصفاء، وهذا أيضا ليس بصحيح، ولو كان صحيحا لقيل فيه: صفوي. ومنهم من يقول: هي نسبة إلى الصوف. وعلى كل فهي نسبة مبتدعة، والله سبحانه وتعالى سمانا مؤمنين وسمانا مسلمين، ولم يكن على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا تسمية مؤمن ومسلم، لسنا نتكلم عن الكفار وعن المنافقين.
ثم إن الصوفية أقسام: منهم من انتهى به الحال إلى أن نبذ الكتاب والسنة، وسخر من أهل العلم وصار يقول: حدثني قلبي عن ربي، يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في كتاب العلم من فتح الباري يقول -نقلا عن القرطبي-: من انتهى به الحال إلى هذه الحالة فهو كافر، والأمر كما يقول رحمه الله تعالى، الذي يظن أنه يستغني عن كتاب الله وعن سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو كافر بالله عز وجل، وهكذا يزهدون في العلم من زمن، وربما دفن بعضهم كتبه -يكتب الكتب ثم يدفنها- والله المستعان، منهم أيضا من أصبح زنديقا، وقتل بسبب الزندقة وهو الحسين بن منصور الحلاج، وتبعه