للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٤ - الرد المبين على من نسب النقص في الدين وطعن في الصحابة والفقهاء المعتبرين.

- قال رحمه الله: ومثل هؤلاء المقلدين للمجتهدين؛ الذين يخالفون آي القرآن ونص الحديث الصحيح الآتي بخلاف مذهبهم، فيجمدون على المذهب ويتعصبون له، بحجة أن صاحب المذهب أعلم منا، والمتحذلق منهم يؤول الآية على حسب أهوائه ومذهبه، ويرد الحديث بلعله لم يصح عند إمامنا، أو لعل له ناسخاً أو مخصصاً لا نعلمه، ونحو ذلك من الأعذار الواهية والشبهات الداحضة، وأين هؤلاء من هذه الآية الشريفة، ومن قوله تعالى: {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (٣)} (١) ومن قوله: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (٥٩)} (٢).

على أن الأئمة -رحمهم الله- لهم الفضل في تدوين العلوم، ومكانتهم لا تخفى، وقد نهوا عن تقليدهم وتقليد غيرهم، وليس كلامنا في العاجز، أو من لم يظهر له الدليل؛ فإن هذا لا بأس له أن يقلد، وإنما كلامنا فيمن حوى من العلوم ما يمكنه من فهم الآيات والأحاديث، أو ظهر له الدليل بخلاف المذهب وإن لم يحو من العلم شيئاً كثيراً؛ فإن مثل هذا لا عذر له في ترك النص والأخذ بالتقليد. (٣)

- وقال رادّاً على محسّني البدع: وكيف لتقسيمهم إلى حسنة وقبيحة أصل وهو ينافي القرآن والحديث. وإليك البيان على وجه الاختصار.

١ - أما القرآن، فقد قال الله: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} (٤) فما انتقل الرسول من الدنيا إلا والدين كاملاً لا يحتاج إلى الزيادة.

ونضيف إلى ذلك: أن التشريع من حق رب العالمين، وليس من حق البشر، ولئن جازت الزيادة في الدين، جاز النقص، ولا قائل بذلك.

بدين المسلمين، إن جاز زيد ... كفى ذا القول قبحاً يا خليلي

فجاز النقص أيضاً أن يكونا ... ولا يرضاه إلا الجاهلونا

٢ - وأما الحديث: ففي الصحيح: «إياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل بدعة ضلالة» (٥) ولفظ (كل) للعموم. ولا يخرج فرد من الأفراد المبتدعة إلا بمخصص، فأين المخصص هنا، حتى يقال: هذه البدعة وحسنة وخرجت من حيز العموم؟ فإن كان المخصص حديث «ما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله أحسن» فالجواب:

أولاً: إن هذا ليس بحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، بل من كلام ابن مسعود.


(١) الأعراف الآية (٣).
(٢) النساء الآية (٥٩).
(٣) تطهير الجنان والأركان (ص.٤٢ - ٤٣).
(٤) المائدة الآية (٣).
(٥) أخرجه: أحمد (٤/ ١٢٦ - ١٢٧) وأبو داود (٥/ ١٣ - ١٥/ ٤٦٠٧) والترمذي (٥/ ٤٣/٢٦٧٦) وقال: "هذا حديث حسن صحيح". وابن ماجه (١/ ١٦ - ١٧/ ٤٣ - ٤٤) والحاكم (١/ ٩٥ - ٩٧) وقال: "هذا حديث صحيح ليس له علة" ووافقه الذهبي. وصححه ابن حبان (١/ ١٧٨ - ١٧٩/ ٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>