للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحافظ محمد بن أحمد بن عبد الهادي المقدسي الحنبلي -تلميذ شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذ الحافظ المزّيّ- في كتابه 'الصارم المنكي في الرّدّ على السبكي': (ذكرها الحافظ البيهقي في 'شعب الإيمان' بإسناد مظلم). قال: (ووضع لها بعض الكذابين إسناداً إلى علي رضي الله عنه). وقال أيضاً ابن عبد الهادي في 'الصارم المنكي في الرد على السبكي' (ص.٤٣٠): (هذا خبر موضوع، وأثر مختلَق مصنوع، لا يصلح الاعتماد عليه، ولا يحسن المصير إليه، وإسناده ظلمات بعضها فوق بعض).

وقد أخطأ الإمام النووي -رحمه الله- حيث ذكر هذه القصة وسكت عليها؛ وكان الأَولى أن لا يذكرها حتى لا يغر بها القراء ويستشهدوا بها.

أقول: كيف تصح هذه القصة وفيها يقول العتبي: جاء الأعرابي إلى قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال له: جئتك مستغفراً من ذنبي. بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو في قبره؟ والله تعالى يقول في كتابه: {وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ} (١). أي: لا يغفرها أحد سواه. قال الحافظ ابن عبد الهادي الحنبلي: (ولم يفهم أحد من السلف والخلف من الآية الكريمة: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا} (٢)، إلا المجيء إليه في حياته - صلى الله عليه وسلم - ليستغفر لهم).

وهذه قضية لها علاقة بالعقيدة والتوحيد، فلا يجوز التساهل فيها والسكوت


(١) آل عمران الآية (١٣٥).
(٢) النساء الآية (٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>