للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبادك ولا يلدوا إلا فاجرًا كفارًا} (١)، ثم قدموا على أصحابهم من أهل الكوفة وهم كافون عن الفروج والدماء والأموال فهل تبرأت إحدى الطائفتين من الأخرى أو لعنت إحداهما الأخرى؟ قالوا: لا، قال عمر: فتتولونهما على اختلاف سيرتهما؟ قالوا: نعم، قال عمر: فهؤلاء الذين اختلفوا بينهم في السيرة والأحكام ولم يتبرأ بعضهم من بعض على اختلاف سيرتهم، ووسعهم ووسعكم ذلك ولا يسعني حين خالفت أهل بيتي في الأحكام والسيرة حتى ألعنهم وأتبرأ منهم؟ أخبروني عن اللعن أفرض هو على العباد؟ قالوا: نعم، قال عمر لأحدهما: متى عهدك بلعن فرعون؟ قال: ما لي بذلك عهد منذ زمان، فقال عمر: هذا رأس من رؤوس الكفر ليس له عهد بلعنه منذ زمان، وأنا لا يسعني أن لا ألعن من خالفتهم من أهل بيتي، وذكر تمام الخبر. (٢)

" التعليق:

تأمل هذه المناظرة التي عقدها أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز مع طائفة الخوارج تر البون الشاسع بين العقل الراجح المنور بالعلم الغزير والعقل الطائش المظلم بالجهل الفاضح، وبين الوسطية والاعتدال في الأمور والتطرف والتنطع الذي يتصف به خوارج كل زمان. نسأل الله العافية.

- وروى ابن أبي شيبة بسنده إلى مغيرة قال: خاصم عمر بن عبد العزيز


(١) نوح الآية (٢٧).
(٢) جامع بيان العلم وفضله (٢/ ٩٦٦ - ٩٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>