للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المخالفة للسنة، وكأن القوم اجتمعوا في صعيد واحد، وأصدروا بياناً واحداً، على لسان رجل واحد، يقررون فيه وجوب الأخذ بالكتاب والسنة، ومتابعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - في الأحكام والعقائد، تأسياً بالصحب الكرام الذي حازوا رضا الرب سبحانه بكمال التسليم لله تعالى ولرسوله - صلى الله عليه وسلم -.

قال أبو المظفر السمعاني: "ومما يدل على أن أهل الحديث هم على الحق أنك لو طالعت جميع كتبهم المصنفة من أولهم إلى آخرهم، قديمهم وحديثهم مع اختلاف بلدانهم وزمانهم وتباعد ما بينهم في الديار، وسكون كل واحد منهم قطراً من الأقطار؛ وجدتهم في بيان الاعتقاد على وتيرة واحدة ونمط واحد، يجرون فيه على طريقة لا يحيدون عنها ولا يميلون فيها، قولهم في ذلك واحد وفعلهم واحد لا ترى بينهم اختلافاً ولا تفرقاً في شيء ما وإن قل، بل لو جمعت جميع ما جرى على ألسنتهم ونقلوه عن سلفهم، وجدته كأنه جاء من قلب واحد، وجرى على لسان واحد، وهل على الحق دليل أبين من هذا؟ قال الله تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (٨٢)} (١)، وقال تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ


(١) النساء الآية (٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>