بقراءة المختصرات في فن الفقه وغيره وإعراضهم عن الأمهات المبسوطة الواضحة تضييع للأعمار في غير طائل، وكان ينهى عن ذلك غاية. ولا يترك من يقرأ مختصر خليل ومختصر ابن عرفة وأمثالهما. ويبالغ في التشنيع على من اشتغل بشيء من ذلك، حتى كاد الناس يتركون قراءة مختصر خليل، وإنما كان يحض على كتاب الرسالة والتهذيب وأمثالهما، حتى وضع في ذلك كتاباً مبسوطاً أعانه عليه أبو عبد الله الغربي وأبو عبد الله المير وغيرهما من أهل مجلسه.
ولما أفضى الأمر إلى السلطان العادل المولى سليمان رحمه الله صار يحض الناس على التمسك بالمختصر، ويبذل على حفظه وتعاطيه الأموال الطائلة، والكل مأجور على نيته وقصده. (١)
قال صاحب الاستقصا: "إنا نقول: الرأي ما رأى السلطان سيدي محمد رحمه الله، وقد نص جماعة من أكابر الأعلام النقاد مثل الإمام الحافظ أبي بكر ابن العربي، والشيخ النظار أبي إسحاق الشاطبي، والعلامة الواعية أبي زيد عبد الرحمن بن خلدون وغيرهم، أن سبب نضوب ماء العلم في الإسلام ونقصان ملكة أهله فيه إكباب الناس على تعاطي المختصرات الصعبة الفهم، وإعراضهم عن كتب الأقدمين المبسوطة المعاني، الواضحة الأدلة، التي تحصل لمطالعها الملكة في أقرب