أقبل متوشحا قوسه، راجعا من قنص له. كان صاحب قنص يرميه، ويخرج له، فكان إذا رجع من قنصه لم يرجع إلى أهله حتى يطوف بالكعبة. وكان إذا فعل ذلك لا يمر على ناد من قريش إلا وقف وسلم وتحدث معهم. وكان أعز قريش وأشدها شكيمة. وكان يومئذ مشركا على دين قومه. فلما مر بالمولاة، وقد قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرجع إلى بيته، فقالت له: يا أبا عمارة، لو رأيت ما لقي ابن أخيك من أبي الحكم آنفا قبيل، وجده هاهنا فآذاه وشتمه وبلغ منه ما يكره، ثم انصرف عنه، ولم يكلمه محمد. فاحتمل حمزة الغضب لما أراد الله عز وجل به من كرامته. فخرج سريعا لا يقف على أحد، كما كان يصنع، يريد الطواف بالبيت. معدا لأبي جهل أن يقع به. فلما دخل المسجد، نظر إليه جالسا في القوم. فأقبل نحوه حتى إذا قام على رأسه، رفع القوس وضربه بها ضربة شجه بها شجة منكرة. وقامت رجال من قريش من بني مخزوم إلى حمزة لينصروا أبا جهل منه. فقالوا: ما نراك يا حمزة إلا قد صبأت. قال حمزة: وما يمنعني منه، وقد استبان لي منه ذلك، وأنا أشهد أنه رسول الله، وأن الذي يقول حق. فوالله لا أنزع، فامنعوني إن كنتم صادقين. فقال أبو جهل: دعوا أبا عمارة، فإني والله لقد سببت ابن أخيه سبا قبيحا. وتم حمزة على إسلامه وعلى ما تابع عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من قوله. فلما أسلم حمزة عرفت قريش أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد عز وامتنع، وأن حمزة سيمنعه. فكفوا عن بعض ما كانوا يتناولون منه.