بك من النار، قال: فدعا لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ودعاها إلى الله، فأسلمت، وأقاموا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الدار شهرا، وهم تسعة وثلاثون رجلا وقد كان حمزة بن عبد المطلب أسلم يوم ضرب أبو بكر .. الخ. (١)
كان هذا الموقف من أشرف مواقف الصديق رضي الله عنه، حفظ الله به الإسلام والأمة الإسلامية، وحقق الله به وعده في حفظ دينه، ومهما قلنا ووصفنا، فإن القلم يعجز عن التعبير عن مدح الصديق وما قدمه للإسلام والمسلمين. فجزاه الله عن عقيدة التوحيد الخالصة خيرا.
انتقل الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى الرفيق الأعلى، وظهر كل من كان في قلبه مرض، أبدى النفاق عنقه صريحا، ومن كانوا يطمعون في الرئاسة وحب الظهور، قلبوها إلى دعوى النبوة، وارتد من ارتد من الأعراب الذين جبلوا على الفساد في الأرض، واجتمعت المصائب على الصديق، ولكن الصديق لم يكن ذلك الرجل الضعيف، الذي يتأثر بالكلمة أو الكلمتين، ولكنه الرجل الموفق الذي صمد لها وجعل عقيدة التوحيد الخالصة ترفرف فوق أبراج المشركين، الذين ولوا وأدبروا خاسئين. واسمع ما يذكره الحافظ ابن كثير في بدايته في هذا المقام:
قد تقدم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما توفي، ارتدت أحياء كثيرة من الأعراب، ونجم النفاق بالمدينة، وانحاز إلى مسيلمة الكذاب بنو حنيفة وخلق كثير باليمامة، والتفت على طليحة الأسدي بنو أسد وطيء وبشر كثير أيضا، وادعى النبوة أيضا، كما ادعاها مسيلمة الكذاب، وعظم الخطب واشتدت
(١) رواه أبو الحسن خيثمة الأطرابلسي كما في البداية والنهاية (٣/ ٢٩ - ٣٠).