للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"تفكروا في خلق الله ولا تفكروا في الله عز وجل" (١).

فلقي جهم ناسا يقال لهم السمنية، فعرفوا جهما؛ فقالوا له: نكلمك، فإن ظهرت حجتنا عليك: دخلت في ديننا، وإن ظهرت حجتك علينا؛ دخلنا في دينك؛ فكان مما كلموا به جهما أن قالوا له: ألست تزعم أن لك إلها؟ قال جهم: نعم. فقالوا: هل رأيت إلهك؟ قال: لا. قالوا: أسمعت كلامه؟ قال: لا. قالوا: فسمعت له حسا؟ قال: لا: قالوا: فما يدريك أنه إله؟ قال: فتحير جهم؛ فلم يصل أربعين يوما، ثم استدرك حجته مثل حجة زنادقة النصارى وذلك أن زنادقة النصارى تزعم أن الروح التي في عيسى عليه السلام هي روح الله من ذاته، كما يقال: إن هذه الخرقة من هذا الثوب، فدخل في جسد عيسى، فتكلم على لسان عيسى، وهو روح غائب عن الأبصار، فاستدرك جهم من هذه الحجة؛ فقال للسمنية: ألستم تزعمون أن في أجسادكم أرواحا؟ قالوا: نعم. قال: هل رأيتم أرواحكم؟ قالوا: لا. قال: افسمعتم كلامها؟ قالوا: لا. قال: أفشممتم لها رائحة؟ قالوا: لا. قال جهم: فكذلك الله عز وجل لا يرى في الدنيا ولا في الآخرة، وهو في كل مكان، لا يكون في مكان دون مكان، ووجدنا ثلاث آيات في كتاب الله عز وجل، قوله: {ليس كَمِثْلِهِ


(١) أخرجه من حديث ابن عمر مرفوعا: اللالكائي في شرح أصول الاعتقاد (٣/ ٥٨٠/٩٢٧) والبيهقي في الشعب (١/ ١٣٦/١٢٠) والطبراني في الأوسط (٧/ ١٧١ - ١٧٢/ ٦٣١٥)، قال الهيثمي في المجمع (١/ ٨١): "رواه الطبراني في الأوسط وفيه الوازع بن نافع وهو متروك".

وله شواهد من حديث أبي هريرة وأبي ذر وابن عباس خرجها الشيخ الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة (رقم١٧٨٨) ثم قال: "وبالجملة فالحديث بمجموع طرقه حسن عندي". والله أعلم".

<<  <  ج: ص:  >  >>