الجو قائظا شديد الحرارة، وجلست في المقهى أنتظر الطعام الذي أوصينا عليه ورأيت أمامي منظرًا لا أنساه .. كان هناك صَفٌّ طويل من الأطفال والغلمان والنساء يجلسون على التراب تحت الشمس الحارة ويشكِّلون صَفًّا طويلا دون حراك، وسألت لماذا يجلس هؤلاء الغلمان في الشمس هناك؟
وقال صاحب المقهى: في تفريق … وأشار إلى رجل هندي يلبس ملابس هندية يجلس أمامي في المقهى ومعه بعض الحجاج الهنود .. وفهمت أن هذا الرجل أو هؤلاء المجموعة من الرجال الهنود سيفرِّقون بعض النقود على هؤلاء الغلمان، فأمروا أن ينظموا أنفسهم في صف طويل لينال كل منهم ما تيسر من قروش وهللات ..
وثارت نفسى للمنظر الأليم .. وشعرت بالذلة لا لهؤلاء الغلمان ولكن لنا جميعا لأننا رضينا بهذا الواقع المزري، ولم نفعل شيئا لتغييره.
ألم يكن في وسع هذا المُحسن أن يجمع هؤلاء الغلمان في مكان ظليل بدلا من صهرهم تحت الشمس الحارة وفوق هذا التراب الحار؟ وقلت لنفسى: إن من حق هؤلاء الغلمان أن يذهبوا للمدرسة، وأن يجتمعوا بها بدلا من اجتماعهم لالتماس الصدقات .. واكتفيت بالألم وغادرت رابغ ولم أفعل شيئا.
ولكن الأخوين عليا وعثمان عملا شيئا، وشيئا رائعا يذكر لهما بالفخر والثناء.
[المقهى يتحول إلى مدرسة]
بدأت المدرسة بغرفة في مقهى المسيجيد، وبثلاثة عشر طالبًا