للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويكمل صاحب الأعلام حديثه عن هذه المدارس فيقول:

وأنعمت السلطنة الشريفة بالمدرسة السلطانية السليمانية الشافعية لإقراء مذهب الشافعي بمكة المشرفة على بعض علماء الشافعية بخمسين عثمانيًا، وأما المدرسة الرابعة العثمانية فقد جعلها المرحوم الواقف لإحياء مذهب الإمام أحمد بن حنبل، فلم يوجد بمكة يومئذ من يكون ثابتًا في مذهب الإمام أحمد بن حنبل، فعدل عنه إلى علم الحديث الشريف، وجعلت تلك المدرسة - دارًا للحديث - بخمسين عثمانيًا، يقرأ فيها الصحاح الستة. انتهى (١).

أقول: وأود أن نذكر أن ما أورده الغازي من أخبار هذه المدارس وما ذكره صاحب الأعلام الذي كان مدرسًا بالمدرسة الحنفية وهي إحدى المدارس الأربع التي بناها السلطان سليمان يعطي لنا صورة عن بعض أوجه النشاط العلمي في مكة المكرمة في أواخر القرن العاشر الهجري.

وقد لفت نظري ما ذكره صاحب الأعلام عن أنه كان يلقي درسًا في الطب على طلبته في المدرسة الحنفية، ولا بد أن يكون لهذا الدرس مثيل في المدارس الأخرى، وبالرغم من أن الطابع الديني يغلب على هذه المدارس وهي أصلًا إنما انشئت لتعليم الطلاب المذاهب الأربعة إلا أن النشاط العلمي في المدرسة كان متنوعًا فيما يبدو، وقد خصصت المدرسة الرابعة لدراسة علم الحديث لأن المذهب الحنبلي لم يكن منتشرًا في مكة في ذلك الزمان، وبالنسبة للمرتبات التي ذكرها القطبي يقول الشيخ/ حسين عبد الله باسلامة:

أن هذه النقود العثمانية ربما كانت أجزاء من العملة الفضية.

[نهاية المدارس الأربعة]

يقول الشيخ/ حسين باسلامة في كتابه "تاريخ عمارة المسجد الحرام" المؤلَّف في سنة ١٣٥٤ هـ وأما المدارس المذكورة فهي باقية على حكمها بناءًا، وشكلًا إلى هذا العصر.

وأما حالتها الحاضرة فصارت إحداها مركزًا لرئاسة القضاء، والثانية مركزًا للقضاء الشرعي والثالثة دارًا للكتب الموقوفة لعموم القراء، والرابعة بجناحيها تصرَّف فيها بالبيع أحمد باشا عامل محمد علي باشا خديوي مصر منذ مائة سنة من صدور هذا المؤلف وأصبحت ممتلكة (٢).

ونستطيع أن نتصور أن السلطان سليمان الذي أنشأ المدارس الأربعة والتي كملت في عهد نجله السلطان سليم، أن المصروفات التي كانت تنفق على هذه المدارس ومدرسيها وطلابها، كانت تصل سنويًا مع أمير الحج الشامي انقطعت فتوقفت الدراسة بها، أما المدرسة التي تصرف فيها بالبيع أحمد باشا عامل محمد علي باشا خديوي مصر، فلعل ذلك تم


(١) إفادة الأنام مجلد ٢ ص ٤٤٩/ ٤٥٦.
(٢) تاريخ عمارة المسجد الحرام ص ٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>