للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحينما تقدَّم أحمد الفيض آبادي بطلبه الترخيص ببناء المدرسة قوبل بالرفض وطلب منه تقديم تبرع الثريِّ الهندي إلى مشروع الجامعة الإسلامية التي تبنيها الدولة.

وكان هذا الرفض ضربة لآمال أحمد الفيض آبادي تلقَّاها على مضض وهو يترقب ما تأتي به الأيام.

أما مشروع الدولة العثمانية فكان وقوع الحرب العالمية الأولى من الأسباب التي قضت عليه ويقول الدكتور محمد العيد الخطروي أن الطابق السفلي من مدرسة طيبة الثانوية في الوقت الحاضر كان هو النواة لبناء الجامعة المذكورة التي بدئ في تأسيسها (١).

جاءت الحرب العالمية الأولى وهاجر الناس من المدينة وهاجر أحمد الفيض آبادي مع من هاجر من أهلها إلى أدرنة في تركيا، ثم عاد إليها مع من عاد من أهلها سنة ١٣٣٧ وما زالت فكرة المدرسة تلح على خيال الرجل وتستولي على أفكاره.

وفي سنة ١٣٣٩ قدم للحج أحد أغنياء الهند وكانت له معرفة سابقة بأحمد الفيض آبادي، وأتيحت له الفرصة ليتحدث إلى هذا الثريِّ عن آماله في إنشاء المدرسة بالمدينة المنورة ووعده الرجل خيرًا، وبعد عودته إلى الهند بعث إلى أحمد الفيض آبادي أربعين جنيهًا ذهبًا كانت هي النواة الأولى للعمل في مشروع المدرسة العتيد.

[البدء بالمشروع]

لم يكن أحمد الفيض آبادي من ذوي اليسار، ولكنه كان عالي الهمة حسن التدبير وهداه تفكيره أن يبدأ بمشروع المدرسة صغيرًا ليكبر مع الأيام.

اشترى أرضًا بجوار المسجد النبوي وابتدأ البناء فيها مستعينًا بالمبلغ الذي تلقاه من الثري الهندي، وبما يصل إليه من تبرعات بعد ذلك، وقرر التوسع في البناء كلما توفرت له الموارد وهي في البداية إنما تأتي من تبرعات أثرياء الهند الذين يفدون للحج والزيارة في كل عام، وكانت البداية سنة ١٣٤٥ للهجرة.

ولم يكن المبلغ الذي تبرع به الثريِّ الهندي كافٍ للقيام بالمشروع فاقترض ثمن الأرض التي اختارها بجوار المسجد النبوي الشريف، اقترض قيمة هذه الأرض من الشيخ عبد الجبار الدهلوي من كبار تجار مكة المكرمة، ومن أخيه السيد محمود أحمد الذي تحدثنا عنه آنفًا (٢).

وفي سنة ١٣٤١ كمل البناء الابتدائي للمدرسة، وقام أحمد الفيض آبادي باختيار المدرسين الذين يقومون بالتعليم فيها، واختار للعمل معه الشيخ محمد الطيب الأنصاري، وكان له تلاميذ كثيرون يتلقون العلم على يديه في المسجد النبوي الشريف ليل نهار.


(١) ٨/ ٩ مدرسة العلوم الشرعية للخطراوي.
(٢) مدرسة العلوم الشرعية بالمدينة المنورة.

<<  <  ج: ص:  >  >>