للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جماعة وافرة، وهلك كثير بالضعف والانقطاع وعاد السالم منهم على أقبح صورة، وفي حالة عجيبة (١).

[نهب الحجاج بالحرم الشريف]

وفي سنة تسع وثلاثين وخمسمائة نهب أصحاب هاشم بن فليتة أمير مكة، نهبوا الحجاج بالحرم الشريف وهم يطوفون، وذلك لفتنة كانت هناك بين أمير الحج وبين هاشم أمير مكة، كذا في تحصيل المرام (٢).

أقول: وقعت الفتنة بين هاشم بن فليتة أمير مكة وبين أمير الحج العراقي فنهب أعوان أمير مكة الحجاج العراقين وهم يطوفون بالكعبة المعظمة.

وقد دامت ولاية هاشم بن فليتة بمكة إلى سنة ٥٤٩، وقيل إلى سنة ٥٥٩ (٣).

[أعراب بني زغب يقاتلون حجاج العراق وينهبونهم]

وفي سنة أربع وأربعين وخمسمائة كان قيماز الأرجواني أميرًا للحاج العراقي، فلما وصل الحاج العراقي إلى مكة طمع أمير مكة فيهم واستزرى بقيماز - لعله يقصد أنه ازدراه واستضعفه - فطمع العرب ووقفوا في الطريق وبعثوا يطلبون رسومهم فقال قيماز للركب "المصلحة أن يعطوا ونكتفي شرهم" فامتنع الركب من ذلك فقال لهم: فإذا لم تفعلوا فلا تزوروا هذه السنة مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستغاثوا عليه فقالوا نمضي إلى سنقر فنشكوه، فسار بهم إلى أن وصلوا إلى مضيق بين مكة والمدينة، فخرج عليهم العرب من بني زغب بعد عصر يوم السبت الرابع عشر من المحرم من سنة خمس وأربعين وخمسمائة فقاتلوهم وتكاثر العرب وظهر عجز قيماز عنهم، فطلب لنفسه أمانًا، واستولوا على الحجاج فأخذوا من الثياب والأموال والحجاج ما لا يحصى وأخذوا من الدنانير ألوفًا كثيرة، فتحدث جماعة من التجار أنه أخذ من هذه عشرة آلاف، ومن هذا عشرون ألفًا، ومن هذا ثلاثون ألفًا، وأخذ من خاتون أخت مسعود ما قيمته مائة ألف دينار، وتقطَّع الناس وهربوا على أقدامهم يمشون في البرية، فماتوا من الجوع والعطش والعري، وقيل أن النساء طيَّنَّ أجسادهن لستر العورة، وما وصل قيماز إلى المدينة إلا في نفر قليل وتحملوا منها إلى البلاد، وأقام بعضهم مع العرب حتى توصل إلى البلاد.

كذا في أتحاف الورى في أخبار أم القرى (٤).


(١) إفادة الأنام مجلد ٢ ص ٦٠٧/ ٦٠٨.
(٢) إفادة الأنام مجلد ٢ ص ٦٠٨.
(٣) خلاصة الكلام ص ٣٣.
(٤) إفادة الأنام مجلد ٢ ص ٦٠٨/ ٦١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>