للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والذي أنفقته في حجها ألف ألف وخمسمائة ألف دينار من ضرب أبيها وزوجها وزوجت كل علوي وعلوية بالحرمين، وسقت أهل عرفة كلهم السويق، والسكر والثلج حملته معها، وحملت معها البقول مزروعة في مراكن الخشب وأعدت للفقراء خمسمائة بعير تحملهم عليها في الطريق.

ولم توقد في الحرم مدة إقامتها إلا بشمع العنبر.

وأعتقت بمكة ثلاثمائة عبد ومائتي جارية، وأغنت جميع الفقراء المجاورين.

كذا في تاريخ السنجاري، وتحصيل المرام، وفي الأتحاف.

وكان معها عشرة آلاف جمل وألف عجل (١).

[الأمير عثمان الزنجبيلي يحمل الحجاج بين عرفة والمزدلفة]

وفي سنة تسع وسبعين وخمسمائة، وصل مكة صاحب عدن الأمير عثمان الزنجبيلي، وفي الثامن من ذي الحجة بكَّر الناس بالصعود إلى منى، وغدوا فيها إلى عرفة وتركوا المبيت بها لخوف الأعراب المغيرين على الحجاج في طريقهم إلى عرفات، واجتهد الأمير عثمان الزنجبيلي في حفظ الحاج اجتهادًا بل جهادًا يرجى لديه المغفرة لجميع خطاياه.

وذلك أن تقدم جميع أصحابه شاكين السلاح إلى المضيق الذي بين مزدلفة وعرفات فضرب قبته في المضيق بين الجبلين، بعد أن قدم أحد أصحابه فصعد بفرسه إلى رأس الجبل الذي على يسار المار إلى عرفات فأمرَّ جميع الحاج، واتصل صعود الناس ذلك اليوم كله، كلها إلى يوم الجمعة كله، فاجتمع بعرفات من البشر جمع لا يحصي عدده إلا الله عز وجل (٢).

السلطان غياث الدين ملك بنقالة يرسل أموالًا لبناء مدرسةٍ ورباط بالمدينة:

في ذكر ما أرسله السلطان غياث الدين ملك بنقالة إلى مكة ذكر الغازي عن صدقته للمدينة المنورة ما يلي:

وكان السلطان غياث الدين أرسل مع ياقوت الغياثي خادمًا يسمى حاجر إقبال أرسله بصدقة أخرى عنده لأهل المدينة المنورة، وجهَّز مالًا ليبني له بها مدرسة ورباطًا، وهدية إلى أمير المدينة يومئذ جماز الحسيني، فانكسرت السفينة التي فيها هذه الأموال وغيرها بقرب جدة فأخذ الشريف حسن بن عجلان ربع ما خرج من البحر على عادتهم إذا انكسرت سفينة عندهم، وأخذ ما يتعلق بالسيد جماز الحسيني لأنه عصى، وظهرت منه شنايع بالمدينة المنورة، من أخذ مفتاح خزانة النبي صلَّى الله عليه وسلَّم من قاضي المدينة جبرًا بعد أن أهانه، وهو القاضي زين الدين أبو بكر بن حسين المراغي، وضرب شيخ الخدام، وأخذ من خزانة النبي صلَّى الله عليه وسلَّم أحد عشر خوشخانة وصندوقين كبيرين، وصندوقًا صغيرًا كلها ممهورة فيها ذهب لملوك العراق، وخمسة آلاف كفن، وصادر الخُدَّام، وأخذ


(١) إفادة الأنام مجلد ٣ ص ٣١٢/ ٣١٣.
(٢) إفادة الأنام مجلد ٣ ص ٣١٥/ ٣١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>