للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ريع يقسم منه على المدرسين والفقراء، وأن تقرأ له رَبْعَةٌ في كل يوم يحضرها القضاة الأربعة والمتصوفون ويقرر لهم وظائف، ويعمل مكتب للأيتام وغير ذلك من جهات الخير.

فاستبدل له رباط السدرة، ورباط المراغي، وكانا متصلين، وكان إلى جانب رباط المراغي دارًا للشريفة شمسية من شرايف بني حسنٍ، اشتراها منها وهدم ذلك جميعه، وجعل فيه اثنتين وسبعين خلوة ومجمعًا كبيرًا مشرفًا على المسجد الحرام، وعلى المسعى الشريف، ومكتبًا ومأذنة، وسير المجمع المذكور مدرسة بناها بالرخام الملون والسقف المذهب وقرر فيها أربعة مدرسين على المذاهب الأربعة، وأربعين طالبًا، وأرسل خزانة كتب أوقفها على طلبة العلم، وجعل مقرها المدرسة المذكورة، وجعل لها خازنًا عيَّن له مبلغًا (١).

وفي سنة ٨٨٤ للهجرة كان الفراغ من بناء هذه المدرسة والرباط والبيتين، أحدهما من ناحية باب السلام، والثاني من ناحية باب الحريريين على يد الأمير سنقر الجمالي يرحمه الله.

[نهاية وقف قايتباي]

وقد ذكر الشيخ الغازي: النهاية التي آلت إليها أوقاف السلطان قايتباي وننقلها هنا بنصها يقول الغازي:

وقد استولت عليه - على الوقف - أيدي النظار والمستفيدين، وقد ضاع غالبًا إلا القليل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وجعل الواقف في ذلك المجمع للقضاة الأربعة حضورًا بعد العصر مع جماعة من الفقهاء يقرأون ثلاثين جزءًا من القرآن العظيم.

أما في زماننا هذا فالتدريس المشار إليه قد بطل والربعة لا يحضرها سوى (الجاوا) نوابًا عن المسحقين، وهذه المعينات أغلبها أكِلَ بل جميعه، فإنَّا لله وإنا إليه راجعون، وجعل فقيهًا يعلم أربعين صبيًا من الأيتام، وجعل لأهل الخلاوي ما يكفيهم من القمح، وجعل مثل ذلك للمدرسين، وهذا أيضًا شيء دَرَسْ، وجعل للمدرسين والمؤذنين وقرَّاء الحديث والأجزاء مبلغًا من الذهب يصرف لهم كل سنة، وهذا أيضًا درس، وان قصدوا أصحاب هذه الوظائف بشيء في بعض السنين فعلى حدِّ قول المتمثل من الشاة إذنها، والحكم لله تعالى العلي القدير.

ومن عدة ربوع ودور تَغُلَّ كل عام نحو ألف ذهب، ووقف عليهم بمصر قرى وضياع كثيرة وحبوبًا كثيرة تحمل إلى مكة كل عام.

وصارت المدرسة سكنًا لأمير الحج أيام الموسم، وسكنًا لغيرهم من الأمراء في وسط السنة، وعمل من الخيرات العظيمة ما لم يعمل ذلك سلطان قبله وهو باقٍ إلى الآن، إلا أن الأكَلَة من الدول استولت على هذه الأوقاف تستغلها النظار كل عام وتأخذها الدولة، وهذه الأوقاف قد آلت إلى الخراب ما لم تتدارك، والدوام لله تعالى.


(١) إفادة الأنام مجلد ٢ ص ٤٥٦/ ٤٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>