للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أدباء هذا الوقت بُلْهٌ … في جلود الأذكياء

يتعاظمون نفوسهم … وهمُ أدَقُّ من الهباء

لو صُوِّرت أشعارهم … ما جئن إلا كالنساء

فعقولهم فصل الخريف … وشعرهم فصل الشتاء

جمع الركاكة والبرودة … في نسيب كالعزاء

مرضُ المسامع والفؤاد … كأنه زمن الوباء

تخشى على الممدوح يقضي … فيه من برد الثناء

يا غربة الآداب ضاعت بـ … بين أظهر هؤلاء (٣٠٨)

وتشبيه النسيب بالعزاء في وصف برودة الشعر تشبيه دقيق رغم قسوته، أما تشبيه هذا الشعر الركيك البارد بالوباء فهو تشبيه جيد، نستطيع أن نستعيره من البيتي لنطلقه على هذا الهراء الذي تفيض به الصحف والمجلات الأدبية مما يسمونه شعر الحداثة، وقد خلا من موسيقية الشعر، كما خلا من جمال المعنى وحسن الأداء فما أشبه الليلة البارحة.

[البيتي شاعر المدينة في عصره]

اشتهر البيتي في عصره بإبداعه في الشعر وتبريزه في النشر، فكان شاعر زمانه في المدينة المنورة يلجأ إليه الكبراء وغيرهم في كتابة الرسائل إلى الملوك والعظماء، والإخوان والأصدقاء، وقد أثبت البيتي في ديوانه صورًا لهذه الرسائل التي تجمع غالبًا بين الشعر والنثر المسجوع، وهو أمر يدل على اعتراف أهل المدينة في عصره بإمامته في الشعر والنثر فكان


(٣٠٨) ديوان البيتي: ص ١٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>