للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان في السور بابان بعقدين، أدركنا أحد العقدين يدخل منهما الجمال والأحمال ثم تهدم شيئًا فشيئا إلى أن لم يبق منه شيء الآن، ولم يبق منه إلا فج بين جبلين متقاربين فيه المدخل والمخرج، وهذا التعليق لصاحب الأعلام الذي نقل عنه الغازي.

[سور المسفلة]

وكان بمكة سور في جهة المسفلة في درب اليمن، يقول صاحب الأعلام، لم ندركه ولم ندرك آثاره.

[سور آخر بأعلى مكة]

وذكر التقي الفاسي نقلًا عن من تقدم، أنه كان لمكة سور من أعلاها دون السور الذي تقدم ذكره، قريبًا من المسجد المعروف بمسجد الراية، وكان من الجبل الذي إلى جهة القرارة، ويسمى لعلع، إلى الجبل المقابل الذي إلى جهة سوق الليل، قال: وفي الجبل آثار تدل على اتصال السور به. انتهى.

يقول التقي الفاسي: ولم يبق من آثار هذا السور شيء مطلقًا.

ويقول التقي الفاسي عن تاريخ إنشاء هذه الأسوار: فما عرفت متى أنشئت هذه الأسوار بمكة ولا من أنشاها، ولا من عمَّرها، غير أنه بلغني أن الشريف أبا عزيز قتادة بن إدريس الحسيني، جَدُّ ساداتنا أشراف مكة أدام الله عزهم وسعادتهم هو الذي عمَّرها.

قال الفاسي: وأطن أنه كان في دولته عمَّر السور الذي أعلا مكة، وفي دولته سهلت العقبة التي بنى عليها سور باب الشبيكة، وذلك من جهة المظفر صاحب أربل سنة ستمائة وستة، ولعله الذي بأعلا مكة، والله أعلم (١).

أقول: التقي الفاسي مؤرخ مكة كان من مواليد سنة سبعمائة وخمس وسبعين، وتوفي سنة ثمانمائة واثنين وثلاثين، وهو مؤلف كتاب العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين، وكتاب شفاء الغرام في أخبار البلد الحرام وهو ممن عاصروا القرنين الثامن والتاسع الهجريين (٢) أما الشريف قتادة بن إدريس فقد وصل إلى مكة بقومه من ينبع وهاجم أميرها الشريف مكثر واستخلصها لنفسه في سنة خمسمائة وسبعة وتسعين للهجرة (٣).

وتعليقًا على ما ذكره التقي الفاسي في تعمير الشريف قتادة لأسوار مكة إن ذلك غير مستبعد لأن الشريف قتادة كان أميرًا طارئًا على مكة قدم إليها من ينبع وأراد تحصينها بالأسوار بعد أن استولى عليها من أمرائها أشراف مكة.


(١) إفادة الأنام مجلد ١ ص ١٨٤ - ١٨٧.
(٢) العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين.
(٣) تاريخ مكة للسباعي ص ٢٢٤/ ٢٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>