للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[عائشة تستفتى في ثياب الكعبة القديمة]

أخرج الأرزقي عن شيبة بن عثمان أنه دخل على عائشة رضي الله عنها فقال:

يا أم المؤمنين: إن الكعبة تجتمع عليها الثياب الكز فنعمد إلى بئر فنحفرها وندفق فيها ثياب الكعبة، فلا يلمسها الجنب والحائض، فقالت عائشة: ما أصبت، وبئس ما صنعت، إن ثياب الكعبة إذا نزعت عنها لا يضرها من لمسها مني حائض أوجنب، ولكن بعها، واجعل ثمنها في سبيل الله تعالى، وابن السبيل، وتصدَّق بثمنها.

ونقل جواز البيع عنّ ابن عباس رضي الله عنهما، وقد بحث هذا الموضوع علماء الشافعية وأجاز بعضهم البيع، وفوض بعضهم الأمر فيها إلى الإمام، وقد استعرض الغازي أقوال الفقهاء في أمر كسوة الكعبة القديمة ثم أورد رأيه فقال:

والذي يظهر لي أن كسوة الكعبة الشريفة إن كانت من قبل السلطان، من بيت مال المسلمين فأمرها راجع له، يعطيها لمن يشاء من الشيبيين وغيرهم، وإن كانت من أوقاف السلاطين وغيرهم فأمرها راجع إلى شرط الواقف فيها لمن عيَّنها - وإن جُهل الشرط عمل فيها بما جرت به العوائد السابقة كما هو الحكم في سائر الأوقاف.

[كسوة الكعبة بين أمراء مكة والسادن]

نقل الفاسي أن أمراء مكة كانوا يأخذون من السدنة ستارة باب الكعبة في كل سنة مع جانب كبير من كسوتها، أو ستة آلاف درهم كاملة عوضا عن ذلك إلى أن رفع ذلك عنهم السيد عنان بن مغامس لمَّا ولي أمر مكة في سنة ثمان وثمانين وسبعمائة، وتبعه أمراء مكة في الغالب.

ثم أن السيد حسن عجلان بعد سنين من ولايته صار يأخذ منهم الستارة وكسوة المقام، ويهديهما لمن يريد من الملوك وغيرهم، وقد استمر الأمر كذلك من أمراء مكة بعد السيد حسن عجلان مع الحجبة إلى يومنا هذا .... انتهى.

أقول: إن كاتب هذا هو السيد تقي الدين الفاسي مؤرخ مكة المكرمة، ومنه يفهم ما جرت عليه العادة في أمر الكسوة في زمنه.

[كيفية قسم الكسوة بين السدنة]

ونقل الغازي عن الشيخ/ حسن الشيبي في الإتمام: أن العادة التي تداولت في كسوة الكعبة المعظمة هو أن حجبة الكعبة المعظمة من بني شيبة يأخذون الكسوة العتيقة لأنفسهم ويقسمونها بينهم بالسوية ذكورا وإناثًا وأطفالًا، وأن المولود منهم في يومه يستحق كما يستحق الشيخ منهم ويجعلون لرأسهم أي شيخهم سهمين كما هي عادتهم في تقسيم الهدايا من الزوار بينهم (١).


(١) إفادة الأنام مجلد ١ ص ٤٤٥ - ٤٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>