للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان يزورني ذات صباح في مكتب الشيخ محمد سرور الصبان بالقشاشية، وكان له مكتب بها، وكان هذا المكتب في مواجهة مدرسة الفلاح في مكة المكرمة.

وكان الحاج محمد على زينل مؤسس الفلاح يرحمه الله قد وصل إلى مكة لزيارة المدرسة في ذلك الصباح، وكنت أرغب في السلام عليه، فاصطحبت الزيدان يرحمه الله وذهبنا إلى مدرسة الفلاح، كان الحاج محمد علي زينل يرحمه الله قد سبقنا إلى الوصول إلى المدرسة، وكان وصحبه يجلسون في صالة الاستقبال، وكلمات الترحيب تلقى أمامه من الطلبة والمدرسين، وكان السيد محمد علوي مالكي يرحمه الله أستاذًا بمدرسة الفلاح كما كان من قبل تلميذًا بها، ووقف السيد علوي أمام مؤسس الفلاح وقفة التلميذ أمام الأستاذ، فقد كان الجميع يقرون له بالفضل، ويعدُّونه الأب الروحي لهم.

وقف السيد علوي مالكي أمام مؤسس الفلاح يلقي كلمة كلها الثناء والإعزاز والحب والتقدير.

وانتفض الزيدان يرحمه الله وكان إلى جانبي واندفع يرتجل خطابًا يتساءل فيه ويوجه الخطاب إلى مؤسس الفلاح وكأنه يقول له: من أنت الذي يقف هذا العالم الجليل بين يديك ليرتِّل لك آيات الثناء.

ورد الحاج محمد علي زينل بأدبه الجم وتواضعه الكبير على الزيدان يؤيده ويقول:

نعم من أنا حتى يقوم السيد علوي مالكي العالم الفاضل الجليل ليثني عليَّ وماذا أكون إلى جانب علمه وفضله، ودينه وتقواه … ؟

هكذا كان الزيدان إذا انفعل لا يملك زمام نفسه … ؟ وهكذا كانت ملكته الخطابية وقدرته على الارتجال تفسحان له مكانًا للخطابة والكلام … ؟

لم يكن الزيدان قد عرف مقدار الحب العظيم الذي كان يحظى به مؤسس الفلاح في مكة وجدة اللتين حظيتا بمدارسه العظيمة فيهما.

كان الزيدان مدنيًا - مدني المولد والنشأة والهوى - ولم يكن الحاج محمد علي زينل معروفًا في المدينة بمقدار عرفان الناس له في مكة وجدة، ولهذا فقد كان استغراب الزيدان أن يقف السيد محمد علوي مالكي "وكانت شهرته بالعلم والفضل تعم الحجاز كله" كان استغرابه عظيمًا أن يقف هذا العالم الجليل وقفة التلميذ أمام مؤسس الفلاح وعلى أي حال فإن الزيدان يرحمه الله أخذ من هذه الوقفة الدليل على عظمة مؤسس الفلاح، واستحقاقه لما لقي ويلقى من حفاوة وتقدير.

[محاضرات جمعية الإسعاف بمكة]

وعلى ذكر ملكة الزيدان الخطابية، فقد كانت تعقد في جمعية الإسعاف بمكة المكرمة محاضرات أسبوعيبة يدعى إليها العلماء والأدباء والمؤرخون ليحاضروا فيها، وكان يجتمع لسماع هذه المحاضرات جمع غفير وقد أصدرت جمعية الإسعاف - التي تحولت فيما بعد إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>