للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[إصلاح القائمقام بجدة]

ثم إنه انقطع لتمدن البلد فقطعها من الأرض طول ذراع من سائر البلاد، وشغل فيها أهلها، والذي لم يشتغل يؤجر بدلًا عنه، وسدَّ شيئًا من ساحل البحر من ناحية - الكمرك - حتى إنه دخل في البحر نحو خمسة عشر ذراعا من كل ناحية من الطول، وأما العرض فجعله نظير (مينة اسكندرية) - ميناء الإسكندرية - وأتقن بناءها وكانت أولا الشباييك تلصق في الزلة، والبضائع تصير متراكمة، وربما يتلف بعضها، وفي وقت الحج يضيق على الحجاج العبور، ثم من الجهة الشامية هدم السور وأدخله إلى جهة البحر، وشد من تلك الناحية، وساوى بين الأرض، ثم إنه سقف جميع أسواقها، حتى صار الإنسان لا يمشي إلا في ظل، وأمر بهدم العشش من الدكاكين والقهاوى وجعله كله صندقة، فصارت من قبيل (غورية مصر والسكرية) وجعلها ميزانًا واحدًا، وكان قبل ذلك، دكان خارج، والآخر داخل، فوسع في الصنادق كل ذلك بالقوة القهرية، وبالمداراة السياسية، وأمرهم بنقش الأخشاب، وكف أهلها عن المقاتلة مع بعضهم، وطار صيته، ودخلت هيبته قلوب الرعية، حتى صاروا يخوّفون به الأطفال، وأمر بقطع كداوي (١٦٧) من القمائم على بعضها كأمثال الجبال، فسد بها البحر من ناحية الفرضة سور النورية، ثم من ناحية المعمار عمل سوقا وبنى فيه


(١٦٧) الكداوي: جمع كدوة وهو المكان الذى ترمي فيه القمائم، وقد أدركنا بجدة مكانًا بقرب مدرسة الفلاح كان اسمه الكدوة، وهو جبل صغير، ويبدو أنه كان يتخذ مرمى للقمائم.

<<  <  ج: ص:  >  >>