للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثلاث سنين، ثم حصل الضعف في عملهم شيئًا فشيئا، وكان الماء جارٍ بمكة أحسن جريان.

كان صندوق عين زبيدة في ذلك الزمان عامرًا بالنقود المتواردة عليه من التبرعات بصورة دائمة من الهند وغيرها، واستمر كذلك إلى أن حدثت المخالفات من أمين الصندوق.

ثم تدخلت الحكومة المحلية في أمر النقود الموجودة في صندوق عين زبيدة، بتناول شيء منها احتاجوه وصرفوه في بعض تعميرات لازمة للحكومة، فلما بلغ أهل الهند ذلك توقفوا عن إرسال الإعانات، وكان ذلك سببًا في استياء هيئة اللجنة، حتى أوقفوا الأعمال، ثم استعفى الرئيس وأكثر أعضاء اللجنة، وسافر الحاج وخدانه بعد ذلك بنحو عامين إلى الهند، وتشكلت لجنة جديدة محلية.

ويقول المؤلف: أن المبلغ الذي كان في صندوق عين زبيدة، عند الأخذ منه نحو سبعة وخمسين ألف جنيه (١).

أقول: أن العمل العظيم الذي قام به أثرياء الهند المسلمين بإصلاح العيون التي تمد مكة وعرفات بالماء هو عمل مشكور، وقد قام هذا العمل بأموال المسلمين الذين رغبوا التقرب إلى الله تعالى بالصدقة الجارية بتوفير الماء في بلد الله الحرام، والمشاعر المقدسة، وقد سار العمل سيره الحسن، واستمر عدة سنوات إلى أن طمع الطامعون في أموال العين فمدوا أيديهم إليها لتصرف في غير ما جمعت له، فانصرف القائمون على العمل وأمسك المنفقون أموالهم، وعادت أمور الماء في مكة إلى ما كانت عليه قبل ذلك، فلا حول ولا قوة إلا بالله، ولقد ورد ضمن أسماء أعضاء اللجنة التي شكلت لهذا الغرض اسم الشيخ رحمت الله العثماني مؤسس المدرسة الصولتية بمكة، وقد ترجمنا له في الجزء الثاني من أعلام الحجاز (٢)، والشيخ عبد الرحمن سراج مفتي الأحناف بمكة المكرمة، وقد ترجمنا له في الجزء الثالث من أعلام الحجاز (٣) فليرجع إليها من شاء الاستزادة.

وما دمنا بصدد الماء في عرفة ومكة نذكر هنا ما أورده الغازي مما يتصل بالموضوع.

[أول من اتخذ الحياض بعرفة]

نقل الغازي عن كتاب أسد الغابة: أن عبد الله بن عامر بن كريز هو أول من اتخذ الحياض بعرفة وأجرى عليها الماء، وقد جدَّد السلطان سليمان العثماني هذه الحياض وجددت بعده مرارًا.


(١) إفادة الأنام مجلد ٢ ص ٣٧٧/ ٣٨٦.
(٢) أعلام الحجاز ج ٢ ص ٢٨٦/ ٣١٣.
(٣) أعلام الحجاز ج ٣ ص ٣٣٩/ ٣٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>