للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقول: ونستطيع مما ذكرناه آنفا أن نستخلص الأدوار التاريخية عن موضع المقام وما عمل بشانه، ونوجز ذلك فيما يلى:

كان المقام كما ذكر ابن جبير في قبة من خشب فإذا كانت المواسم والازدحام وضعت عليه قبة من حديد، وكان ينقل من مكانه إلى داخل الكعبة، ويوضع في مكانه أمام حجر إسماعيل وذلك كان في أواخر القرن السادس الهجري حينما حجَّ ابن جبير عام تسع وسبعين وخمسمائة.

ثم بنى الملك المسعود في أوائل القرن السابع بين عامي ٦١٩ - ٦٢٦ القبة الحديدية وقل وضع المقام بعد ذلك في موضعه أمام الحجر ووضع له شباك من حديد لم يذكر لنا الفاسي مؤرخ مكة من الذى صنعه، ولكنه يذكر أن الملك الناصر محمد بن قلاوون الصالحي صاحب مصر قام بعمارة له وكتب اسمه في الشباك الشرقي الذي وصفه الفاسي كما ذكرنا قبل، كما كتب اسم الملك الناصر فرج صاحب الديار المصرية والشامية الذي صنع أو على الأصح شارك في صنع هذا الشباك الحديد في سنة ست عشرة وثمانمائة.

أقول: وقد أدركنا المقام وهو في داخل الشباك الحديدي الذي وصفه تقي الدين الفاسي وعليه القبة الحديدية التي وصفها إلى أن تمت إزالة البناء كله وتم وضع المقام داخل كرة بلورية لها هلال من الذهب في ١٨ رجب ١٣٨٧ كما قدمنا.

[الملك المسعود في مكة]

ذكرنا أن الملك المسعود هو الذي بنى القبة الحديدية على مقام إبراهيم عليه السلام ونذكر هنا أن الملك المسعود هو ابن الملك الكامل الأيوبي الذي كان يحكم مصر، وقد استمد الملك المسعود من قوة أبيه فحكم اليمن باسم أبيه الملك الأيوبي، وكان يحكم مكة في ذلك الزمن الحسن بن قتادة الذي قتل أباه خنقا، واستولى على إمارة مكة سنة ٦١٧ للهجرة، واستطاع أن يستصدر مرسوما من الخليفة الناصر لدين الله بتوليته إمارة مكة، وكان الذي حفر بالمرسوم إلى مكة مملوك من مماليك الخليفة الناصر اسمه اقباش.

وقد علم الحسن بن قتادة أن أخاه الشريف راجح بن قتادة اتصل باقباش وأغراه بنقل امارة مكة إليه بدلا من أخيه الحسن، وبذل له وللخليفة الناصر أموالا، فغضب الشريف حسن، وأغلق أبواب مكة، ومنع الحاج العراقي من دخولها، فقاتل أقباش عند باب مكة، ثم ما لبث أقباش أن انفرد عن جنده مصعدا في جبل الحبشي بجوار سو رمكة، ادلالا بمركزه، وثقة في نفسه.

ويعلل الأستاذ/ السباعي صاحب كتاب تاريخ مكة ذلك بأنه ربما صعد الجبل بمفرده طلبا للتفاهم مع الشريف الحسن.

أحاط جنود الحسن بأقباش واحتزوا رأسه، وحملوه على رمح، فنصبه الحسن عند دار العباس بالمسعى، وانهزم عسكر العراق، وأحاط بهم جنود الحسن لينهبوهم فمنعهم الحسن من ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>