للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن ابن فهد أن تعداد جيش القرمطي كان تسعمائة رجل وقد عاث هذا الفساد كله في أقدس بقعة على وجه الأرض وقتل الألوف من الحجاج والأهليين، وسبى الألوف المؤلفة كذلك من الصبيان والنساء، وهتك حرمة البيت الحرام وبقى أحد عشر يوما ولم يتصد لقتاله ومناجزته أحد ترى ألم يكن لدى أمير مكة من الجنود والحرس من يتصدى لهؤلاء المفسدين في الأرض وقد حضر الحج مندوب الخليفة ومعه حتما من الجند والحرس من كان ينضم إلى أمير مكة وجنده، كما ينضم إليهم المتطوعون من أهل مكة والحجاج.

ولقد ذكر ابن فهد ضمن أسماء القتلى أمير مكة ابن محارب كما ذكر أسماء كثير من الأعلام الذين قتلوا في هذه المعركة الفظيعة.

على أي حال - يبدو أن هذا القرمطي اعتمد على مفاجأة الناس باعتدائه الفظيع الغاشم الذى تم في اليوم الثامن من ذى الحجة، وفى قلب المسجد الحرام، ويبدو أن هذه المفاجأة أذهلت الناس فشلت عقولهم كما شلت حركتهم، كما أن مقتل ابن محارب أمير مكة كان من أكبر الأسباب في استرسال القرمطي هذا وأصحابه في القتل والإفساد دون رادع أو واعز، أما تعداد القتلى والأسرى والسبايا فإن المبالغة فيه واضحة لا يفتقر تبينها إلى عناء، والناس في أمثال هذه الحوادث يعظمون الأمور ويبالغون في الروايات وقد ينطقون الناس ما لم ينطقوا أو يقولوا، ولكن الحادثة مهما صاحب روايتها من المبالغة والتهويل كانت من أسوأ الحوادث التي مرت في تاريخ المسجد الحرام وأفظعها، وهي سبة لهذا القرمطي وأصحابه ولعنة تلحقهم عبر الأزمان والدهور.

[إعادة الحجر]

ذكرنا أن هذا القرمطي الفاجر اللعين كان يخطب لعبد الله المهدى صاحب أفريقية قالوا فلما بلغ المهدى ذلك كتب إلى القرمطي يقول - والمعجب من كتبك

<<  <  ج: ص:  >  >>