للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[جده في روايات الرحالة والمؤرخين]

وصف البلخي المتوفى سنة ٣٢٢ هجرية جدة في كتابه ذكر المسافات والأقاليم. بأنها كثيرة التجارات والأموال وليس بالحجاز بعد مكة أكثر مالا وتجارة منها وقوام تجارتها الفرس (١).

ووصفها البشارى في كتابه احسن التقاسيم في معرفة الأقاليم بانها:

مدينة حصينة عامرة آهلة أهلها أهل تجارات ويسار، خزانة مكة مطرح اليمن ومصر وأهلها في تعب من الماء وقد غلب عليها الفرس، ولهم بها قصور عجيبة وازقتها مستقيمة ووضعها حسن شديدة الحر جدا. (٢)

أقول ولإيضاح ما ذكره البشاري في وصف جدة أنها مطرح اليمن ومصر - أن هذا الوصف كان لجدة في القرن الرابع الهجرى، ولقد كانت جدة حتى منتصف القرن التاسع عشر الميلادي الموافق للقرن الثالث عشر الهجرى مطرحا لمصر واليمن والقصد بالمطرح هنا أن البضائع التي ترد إلى مصر من الهند تطرح بمدينة جدة، ثم يجرى نقلها بالسفن الشراعية إلى القاهرة وذلك قبل حفر قناة السويس في منتصف القرن التاسع عشر للميلاد. والواقع أن تجار جدة كانوا يحتفظون بهده البضائع في السفن التي كانت عبارة عن مخازن عائمة ثم يصدرونها إلى مصر بطريق البحر إلى ميناء السويس حسب الحاجة (٣).

ونعود بعد هذا الاستطراد الإيضاحي لنتابع وصف الرحالين لمدينة جدة عبر القرون، وصف ناصر خسرو جدة في القرن الخامس الهجرى بأنها مدينة جميلة محصورة في داخل سورها الحصين كما لفت الانتباه إلى عدم وجود الأشجار والزرع بها رغم ازدهارها العمراني، وعلل ناصر خسرو ذلك إلى ندرة وجود الماء العذب


(١) صفحة ٧٧ موسعة تاريخ مدينة جده.
(٢) صفحة ٧٧ نفس المصدر.
(٣) انظر ما كتبناه مفصلا عن ذلك في كتابنا ملامح الحياة الاجتماعية في الحجاز صفحة ١٧٢/ ١٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>