للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منهما بصره في آخر حياته غفر الله لهما.

إن فقد حمزة لبصره في آخر حياته أثر في نفسه وأستطيع أن أقول إنه أدخل الكثير من التغيير على أفكاره، ويتضح هذا في حديثنا عن رسائله إلى ابنته شيرين.

[إلى ابنتي شيرين]

اسم الكتاب الذى يضم ستين رسالة كتبها حمزة إلى كبرى بناته بعد أن غادرت مصر عائدة إلى الحجاز إثر زواجها، وهذه الرسائل تظهر بجلاء الحب الكبير الذى يربط شيرين بأبيها فقد أصبحت له كل شئ البنت وسيدة البيت والصديقة التي يتحدث إليها ويبثها مكنون صدره وأفكاره، وليس هذا بغريب على أى حال وقد اخترت بعض المقتطفات من بعض الرسائل التي كتبها حمزة إلى شيرين وهي تمثل أسلوبه في كتابة الرسائل كما تمثل أفكاره وخوالجه.

وأبدأ بالنماذج التي تمثل حالته النفسيه فهو يقول في الرسالة (٣٠) لقد تحطمت قبل أن أبدأ قصة حياتى التي شغلنى عنها ولوعي بإنقاذ الغرقى وإطفاء الحرائق (١).

ويقول في الرسالة الرابعة: تمت عزلتى الآن ولم تعد لي علاقة بأحد إلا بالمقدار الذى لا يزيد عما يتهيأ لأي نزيل في فندق صغير. ومنها:

أننا في سفينة أو أتوبيس وكل الفرق أن الرحلة أطول، أنني أشعر بضغط الوحدة ضغطا مخيفا أراني غريق أتخبط وأرسل صرخات الهلع، وأسمع أصوات ضحكات السخرية ممن يتظاهرون بإنقاذي.

أبدا أبدا لم أعد اقوى على احتمال هذا الشقاء وحدى بلامعين، أنني أبدأ الفكرة ولا أعرف كيف أتمها، وفى الليل عندما يهدأ كل شيء وينام، أظل أنا كالآلة الدائرة تدور بلا نهاية (٢).


(١) صفحة ١٢٧ إلى ابنتي شيرين.
(٢) صفحة ٥٤ إلى ابنتي شيرين.

<<  <  ج: ص:  >  >>