للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[وفاة صالح جمال]

كنت مدعوًا مع أصحاب شركات نقل الحج إلى اجتماع مع معالي وزير الحج والأوقاف الشيخ عبد الوهاب عبد الواسع ضحى يوم السبت ٢٥ ذي القعدة ١٤١١ هـ، وفي قاعة الجلوس بالوزارة، وجدت المرحوم الأستاذ/ صالح محمد جمال حاضرًا لمقابلة الوزير في عمل يتعلق بحجاج المغرب وكانت المفأجاة سارة لكلينا، فكلانا مشتاق للقاء الآخر، وجلسنا جنبًا إلى جنب نتحدث ثم دعي إلى مقابلة الوزير، وحينما انتهت المقابلة دعيت مع أصحاب شركات نقل الحجاج للدخول إلى قاعة الاجتماعات.

وغادرنا صالح جمال مودعًا إلى مكة، وقبيل المغرب هتف لي أحد الأصدقاء معزيًا في وفاة صالح جمال، أثر حادث مروري في طريق مكة، لقد شاء الله أن يقود سيارته، وكان قد تخلى عن قيادة السيارة منذ أعوام وأعوام.

ووقع القضاء الذي لا مفر منه، وفاضت روحه الطاهرة إلى بارئها وهو في الثالثة والسبعين من العمر يرحمه الله تعالى رحمة الأبرار.

توجهت إلى داره في مكة معزيًا، وفوجئت بالشوارع المحيطة بمنزله في حي الزاهر مكتظة بالسيارات، وبحركة المرور وقد توقفت، فترجلت من السيارة وسرت إلى المنزل الذي كانت الجماهير تتدفق عليه، وشققت طريقي إلى حيث يجلس أهله وفي مقدمتهم شقيقه ورفيق دربه الصديق العلامة الأديب الأستاذ/ أحمد محمد جمال، وأبناؤه الدكاترة طارق وحسن وياسر صالح جمال، والأستاذ/ فائز، وماهر، وبقية أهله وأصهاره.

كان الناس وقوفًا في صفوف طويلة متراصة الأمر الذي حدا بآل جمال إلى الجلوس من كثرة ما أصابهم من الإرهاق، وكان سيل المعزين لا ينقطع.

لقد حضرت مكة كلها تعزّي في صالح جمال وشارك محبوه وأصدقاءه في المدن الأخرى في الحضور من جدة والطائف وغيرها.

كان هذا الحشد الكبير هو أعظم تعبير عن فداحة المصاب في الرجل الفقيد وكان كل هؤلاء المعزون بهذا الحضور الكبير يعبرون عن المكانة التي كان يحتلها صالح جمال في نفوسهم من المحبة والتقدير.

لقد أحب صالح جمال الناس منذ نعومة أظفاره، وعبر عن هذا الحب بقلمه ولسانه وبعمله وإنجازاته فأحبه الناس وأوسعوا له مكانًا في قلوبهم، وأثنوا عليه الثناء كله.

رحم الله صالح جمال، فقد كان مثالًا للخلق والصدق.

جهر بالحق في شجاعة ورجولة، وعمل للوطن في دأب واخلاص، وقضى حياته في إعانة المحتاجين، وتيسير أمور الناس ما استطاع، رحمه الله رحمة واسعة، وأحسن جزاءه إنه سميع مجيب.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>